ثقافة الالتباس

الاستعراب الألماني في القرن الواحد والعشرين: توماس باور وكتابه «ثقافة الالتباس»

الكتاب غني بمادته، نوعي في منهجه وبسعة ثقافة الكاتب اللغوية والأدبية والدينية، فمصادره تدل على تمكنه من اللغة والثقافة العربية الإسلامية، إلا من أخطاء قليلة كتحريفه لبعض أسماء الأعلام، أو أخطاء معرفية كقوله بأن العلاقة المثلية (الشذوذ) بين اثنين لا عقوبة عليها في الإسلام، إذا كانت رضا بين الطرفين (الفاعل والمفعول به)؟ كما جاء في باب تعدد المتعة.

غير أن المترجم ولو أنه قام بجهد كبير مشكورا، وقع في أخطاء لغوية كثيرة، كما وقعت الدار الناشرة للكتاب في أخطاء مطبعية تجعل متابعة الكتاب مهمة عسيرة، وتضاعف جهد القارئ في التنبه للخطأ وإدراك الوجه الصحيح، والمؤلف والدار مدعوان لتصحيح هذا الكتاب الكبير بمادته ومنهجيته ورؤيته المنفتحة والموضوعية معا. ورغم كل ذلك فالكتاب جدير بالقراءة، وجدير بالمناقشة، وهو إضافة نوعية إلى المكتبة العربية وخرق للمألوف والمتداول في الكتابات الاستعرابية عن اللغة والإسلام، كما عهدنا ذلك عند المستعربين المتسمة نظرتهم بالتعالي والتحيز والمركزية.

لقد كان باور مستعربا جيدا، حرث في أرض أخرى بأدوات علمية وبنظرة علمية وبثقافة واسعة، رغم بعض نقائص الكتاب ـ كفى بالمرء نبلا أن تعد معايبه – ما جعل كتابه هذا فتحا معرفيا جديدا في الدراسات الغربية المقاربة للفكر وللثقافة العربية الإسلامية.