ألمانيا تشدد المراقبة الأمنية خصوصاً حول المساجد بعد مقتل مهاجرين بمدينة هاناو على يد ألماني عنصري

تحت وقع صدمة هجوم هاناو العنصري الإرهابي، أعلنت الحكومة الألمانية تعزيز المراقبة الأمنية، خاصة حول المساجد، لمواجهة تهديد اليمين المتطرف "المرتفع جدا".

وانتظمت مساء الخميس 20 / 02 / 2020 في حوالي 50 مدينة ألمانية، تجمعات لتأبين القتلى التسعة بعد إطلاق النار المزدوج في هاناو. وأدت هذه الاحتجاجات إلى ولادة جدل حول الأسلحة وحماية الأقليات والدور التحريضي لحزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف.

ومعظم ضحايا المقهيين في ألمانيا من الأتراك والأكراد، وبينهم بوسني وبلغاري. الألماني الذي قَتَل يوم الأربعاء 19 / 02 / 2020 تسعة من أصول مهاجرة بالرصاص -في هجوم عنصري إرهابي على مقهيين للمهاجرين بمدينة هاناو الألمانية- دعا في بيان له إلى "إبادة" شعوب سكان شمال أفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا، وفق معتقدات عنصرية تقوم على تفوق الأعراق.

وعُثِرَ على مُطْلِق النار الألماني توبياس آر (43 عاما) -الذي قتل تسعة من أصول مهاجرة- ميتاً في شقته مع أمه المقتولة أيضا بالرصاص. الشرطة تقول إن المشتبه به انتحر بعد هجوم مدينة هاناو. وتراوحت أعمار ضحاياه بين 21 و44 عاما. 

وشهدت ألمانيا ثلاثة هجمات عنصرية ومعادية للسامية خلال تسعة أشهر: من اغتيال نائب داعم للمهاجرين إلى مذبحة هاناو مرورا بالهجوم الذي استهدف كنيسا يهوديا ومحل كباب تركي في مدينة هاله في احتفال يوم الغفران.

في هذا السياق الذي شهد أيضا تفكيك جماعات مستعدة لارتكاب هجمات قالت جريدة دير شبيغل الألمانية الجمعة 21 / 02 / 2020 إنه: "لم يعد ممكنا الحديث عن حوادث فردية (...) بل عن مشكلة سياسية. لقد حان الوقت لإدراك ذلك".

"قنابل موقوتة": في مواجهة هذا "التهديد الأبرز للديمقراطية"، وفق عبارة وزيرة العدل كريستين لامبرخت، أعلنت الحكومة الجمعة 21 / 02 / 2020 إجراءات جديدة. وقال وزير الداخلية هورست سيهوفر إنه سيتم تعزيز الأمن في "المناطق الحساسة"، خاصة محيط المساجد والمطارات والحدود.

وعززت حكومة أنغيلا ميركل الترسانة القانونية في الأشهر الأخيرة، اذ فرضت التزامات جديدة على شبكات التواصل الاجتماعي للإبلاغ على المحتوى المثير للكراهية، وحماية النواب والنشطاء.

لكن يصعب على الحكومة مواجهة جميع التهديدات، خاصة تلك القادمة من أفراد منعزلين، لا تعرفهم الشرطة ويحملون أسلحة مرخصة، يمرون إلى التنفيذ بشكل مفاجئ على غرار القاتل المفترض في هاناو.

واعتبرت وزيرة العدل أن هؤلاء "ذئاب منفردة" يتشربون الفكر المتعصب عبر الإنترنت، ويمثلون "قنابل موقوتة علينا مواجهتها بجميع الإمكانيات التي يخولها لنا الدستور".

ويشير الباحث المختص في الإرهاب بجامعة كينغ في لندن بيتر نومان إلى أن "ذلك جرى سابقا مع الجهاديين" في ما يتعلق بالمراقبة على الإنترنت، بما في ذلك التطبيقات المشفّرة، ويجب: "أن يتم أيضا مع التطرف اليمينيّ".

وكان المنفذ المفترض لهجوم هاناو، غير المعروف لدى الأجهزة الأمنية، يدير موقعا إلكترونيا شخصيا يروج نظريات عرقية ومؤامرات. ويرى نومان أنه يجب مستقبلا التقاط هذه "الإشارات".

"عدوانية": ويوجد ملمح آخر للتهديد، يتعلق بتشديد المراقبة على حمل الأسلحة. وقالت جريدة بيلد الألمانية إنه توجد حوالي 5,4 مليون قطعة سلاح في البلاد.

وتقلق وزارة الداخلية خاصة من تنامي بحث اليمين المتطرف عن أسلحة من جميع الأنواع. وحجزت الشرطة 1091 قطعة سلاح عام 2018، مقابل 676 في العام السابق، في إطار تحقيقات حول مخالفات وجرائم منسوبة لليمين المتطرف.

ونادى أعضاء حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ بتعزيز التشريعات حول الأسلحة، وهو ما يعد تحديا في بلد مولع برياضة الرماية التي كان قاتل هاناو المفترض يمارسها.

واعتبرت مقالة في جريدة فرانكفورتر ألغيماينه الألمانية إنه "لا يجب أن يُحتَفظ مستقبلا بالأسلحة الآلية في المنازل، بما فيها منازل رياضيي الرماية".

أخيرا، تحمل مأساة هاناو بُعدا سياسيا في بلد ظهر فيه حزب البديل من أجل ألمانيا المتطرف منذ عام 2013، وبات له منذ عامين نواب في البرلمان الألماني.

ورأى الأمين العام للحزب الديمقراطي الاجتماعي لارس كلينغبيل أن هذا الحزب -المعادي للأجانب علانية والذي تنتقد قياداته بصوت عالٍ تندّم ألمانيا على النازية- يجب أن يوضع "تحت رقابة" أجهزة الاستخبارات.

وصرّح كلينغبيل في تلفزيون عمومي أن "أحدهم أطلق النار في هاناو، لكن كثيرين زودوه بالذخائر، وحزب البديل من أجل ألمانيا من بينهم بالتأكيد".

واعتبر الخبير المختص في اليمين المتطرف بجامعة لايبتسيغ أوليفي ديكر أن "حزب البديل من أجل ألمانيا مسؤول عن الاستقطاب (...) والعدوانية في الخطاب السياسي". أ ف ب