بؤرة صراع إقليمي جديد بين روسيا والغرب؟

ما يزال التوتر سيد الموقف في كازاخستان بعد اعتقال الرئيس السابق لجهاز الأمن بتهمة الخيانة في ظل قلق دولي من قتل المتظاهرين من "دون إنذار".

اعتقل الرئيس السابق لجهاز الأمن في كازاخستان كريم ماسيموف بتهمة الخيانة بعد إقالته في أعقاب أعمال شغب في البلاد التي لا تزال تشهد توترا اليوم السبت (التاسع من يناير/ كانون الثاني 2022).

وأعلن الكرملين اليوم أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الكازاخستاني قاسم جومرت توكاييف أجريا محادثة هاتفية "طويلة" وناقشا الوضع في كازاخستان.

وقالت "لجنة الأمن الوطنية" (كاي إن بي) إن مديرها السابق (56 عامًا) أوقف الخميس بعد بدء تحقيق بتهمة "الخيانة العظمى".

وأقيل كريم كاجيمكانولي ماسيموف، حليف الرئيس الكازاخستاني السابق نور سلطان نزارباييف والمقرب منه، من منصبه في رئاسة الجهاز خلال الأسبوع الجاري بعد أعمال شغب جاءت ردا على زيادة في أسعار الغاز.

وورد في البيان الذي أعلن توقيفه "في السادس من كانون الثاني/يناير من العام الجاري، فتحت لجنة الأمن الوطنية تحقيقا أوليا بتهمة الخيانة العظمى". وأضاف "في اليوم نفسه، أوقف المدير السابق للجنة الأمن الوطنية ك. ك. ماسيموف وأودع مركزا للتوقيف الموقت مع أشخاص آخرين". وشغل ماسيموف مرّتين منصب رئيس وزراء في عهد نزارباييف، وكان رئيس "لجنة الأمن الوطنية" منذ العام 2016.

 

أصدر رئيس كازاخستان أمراً "بإطلاق النار لقتل" المتظاهرين رافضاً أي دعوات للحوار
أصدر رئيس كازاخستان أمراً لقوات الأمن وللجيش بفتح النار بشكل مباشر، دون تحذير على المتظاهرين، والسماح بقتلهم، واصفا إياهم بالمجرمين والقتلة، ومغلقاً الباب أي دعوات دولية للحوار.

 

وتهز كازاخستان، أكبر دولة في آسيا الوسطى، حركة احتجاج بدأت الأحد الماضي في مناطق ريفية بعد زيادة أسعار الغاز، قبل أن تمتد إلى مدن أخرى وخصوصا إلى ألماتي، العاصمة الاقتصادية للبلاد حيث تطورت التظاهرات إلى أعمال شغب سقط خلالها قتلى.

 

عدم مغادرة الرئيس السابق

 

ونفى الناطق باسم نزارباييف أيدوس اوكيباي الشائعات حول مغادرة الرئيس السابق البلاد، وقال إن هذا الأخير يدعو الكازاخستانيين إلى دعم الحكومة. وتنحى نزارباييف عن الرئاسة في العام 2019 بعد عقود في السلطة واختار توكاييف خلفًا له. كما تسلّم توكاييف هذا الأسبوع من نزارباييف رئاسة مجلس الأمن في البلاد.

وقال أوكيباي اليوم إن الزعيم السابق موجود في العاصمة الكازاخستانية نور سلطان وعلى "اتصال مباشر" مع توكاييف. وكانت شائعات انتشرت مؤخرا بأن نزاربييف، الذي يبلغ من العمر 81 عاما، قد غادر البلاد بعدما خلعه الرئيس الحالي قاسم جومارت توكاييف، من منصب رئيس جهاز أمن الدولة، ذي النفوذ القوي. وبحسب المتحدث أوكيباي، هناك تواصل مباشر بين نزاربييف وتوكاييف. يشار إلى أن الرئيس السابق، الذي استقال في عام 2019، لا يزال الشخصية الأقوى في كازاخستان.

 

#كازاخستان... لماذا تتنافس #روسيا و #أمريكا عليها؟#مسائية_DW pic.twitter.com/ol4kapoEQ4

— DW عربية (@dw_arabic) January 6, 2022

 

ومن جانبه حذر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن من أن كازاخستان ستجد صعوبة كبرى في الحد من النفوذ الروسي بعدما طلبت من موسكو نشر قوات على أراضيها لاحتواء الاضطرابات المستمرة. وأرسلت روسيا قوات لدعم السلطات وصلت إلى ألماتي.

وقال بلينكن في مؤتمر صحفي في واشنطن "ثمة درس من التاريخ الحديث مفاده أنه ما أن يدخل الروس بلدا ما، فإن إخراجهم يكون أحيانا أمرا بالغ الصعوبة".

وأضاف بلينكن "يبدو لي أن السلطات والحكومة الكازاخستانية يمكنها بالتأكيد التعامل مع المظاهرات بشكل مناسب والحفاظ على النظام مع احترام حقوق المتظاهرين. لذلك لا أفهم بوضوح سبب شعورها بالحاجة إلى دعم خارجي".

 وكانت الخارجية الأمريكية قد حذرت يوم الخميس الماضي القوات الروسية من أي انتهاك لحقوق الإنسان أو أي محاولة "للسيطرة" على مؤسسات البلاد.

وشهدت مدينة ألماتي، أكبر مدن كازاخستان ومركزها التجاري، أعمال شغب خلال الأيام الماضية، شملت إضرام النيران في عدد من المباني الحكومية،  وأعمال سلب جماعية خلال احتجاجات على رفع سعر الوقود.

 

بوتين وتوكاييف بحثا الوضع الأمني في البلاد Foto: Sputnik Kremlin/dpa/picture-alliance
حذر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن من أن كازاخستان ستجد صعوبة كبرى في الحد من النفوذ الروسي بعدما طلبت من موسكو نشر قوات على أراضيها لاحتواء الاضطرابات المستمرة. مؤكدا في مؤتمر صحافي في واشنطن أن "ثمة درس من التاريخ الحديث مفاده أنه ما أن يدخل الروس بلدا ما، فإن إخراجهم يكون أحيانا أمرا بالغ الصعوبة". وقد ندّدت موسكو بالتصريحات "الفظّة" هذه لوزير الخارجية الأميركي.

 

واندلعت أكبر موجة احتجاجات تشهدها كازاخستان خلال سنوات عقب الزيادات الكبيرة في أسعار المحروقات في تلك البلاد الغنية بالنفط والغاز، ويبلغ عدد سكانها حوالي 18 مليون نسمة. وتحول الأمر إلى احتجاجات ضد الحكومة. وأعلنت وزارة الداخلية الكازاخستانية الجمعة مقتل 26 "مجرمًا مسلحًا" و18 عنصرًا أمنيًا، وأُصيب 740 آخرون بجروح. وتشهد كازاخستان انقطاعا في الانترنت والاتصالات.

واعتُقل أكثر من أربعة آلاف شخص بينهم أجانب، بحسب الوزارة. وأعلن مكتب توكاييف السبت أن الاثنين سيكون يوم حداد وطني. وحاولت الحكومة استيعاب الغضب الشعبي عبر خفض الأسعار مجددا، لكن ذلك لم يوقف التظاهرات.

 

ألمانيا توقف تصدير السلاح

 

وردا على ما تشهده البلاد، أوقفت ألمانيا صادرات الأسلحة إلى كازاخستان بسبب الاضطرابات الحالية هناك، وتم اتخاذ الإجراءات الضرورية لمنع تصدير الأسلحة إلى الجمهورية الواقعة بآسيا الوسطى. وفي العام الماضي، تم منح 25 رخصة لتصدير أسلحة إلى كازاخستان بقيمة 2,2 مليون يورو. وتعد هذه قيمة متدنية نسبيا، إلا أنه تم اعتبار وقف الصادرات ضروريا في ضوء الوضع الحالي في البلاد.

وكانت الوحدات الأولى من قوات روسية تابعة لكتيبة بقيادة موسكو قد وصلت إلى كازاخستان، بعدما طلب توكاييف الأربعاء مساعدة عسكرية من منظمة معاهدة الأمن الجماعي. وقال بيان للكرملين السبت أن بوتين وتوكاييف "تبادلا وجهات النظر حول التدابير المتخذة لإعادة النظام في كازاخستان"، مضيفًا أنهما اتّفقا على البقاء على تواصل "دائم".

المصادر: وكالات، دويتشه فيله ، قنطرة