"الهجرة مؤامرة لتغيير التركيبة السكانية لتونس"؟

وصف الاتحاد الأفريقي خطاب سعيّد - الذي كرر نظرية "الاستبدال العظيم" بأن النخب السياسية تستبدل بالسكان الأصليين مهاجرين مؤيدين لها - بأنه "صادم" بينما أثنى عليه السياسي الفرنسي اليميني المتطرف إريك زمور.
وصف الاتحاد الأفريقي خطاب سعيّد - الذي كرر نظرية "الاستبدال العظيم" بأن النخب السياسية تستبدل بالسكان الأصليين مهاجرين مؤيدين لها - بأنه "صادم" بينما أثنى عليه السياسي الفرنسي اليميني المتطرف إريك زمور.

حديث الرئيس التونسي قيس سعيّد عن المهاجرين الأفارقة وتبنيه نظرية "الاستبدال العظيم" الشعبوية، التي تدعي أن النخب السياسية تستبدل بالسكان الأصليين مهاجرين مؤيدين لها، شكل صدمة للمهاجرين ونشر الخوف بينهم، بينما أثنى عليه السياسي الفرنسي اليميني المتطرف إريك زمور.

طُرد عامل البناء المالي محمد كوني من شقته وفقد وظيفته بعد أن أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد الأسبوع الماضي عن حملة لوقف تدفق المهاجرين الأفارقة على بلاده بطرق غير مشروعة، مستخدما لغة ندد بها الاتحاد الأفريقي ووصفها بأنها عنصرية.

والآن يخشى كوني، الذي أصبح عاطلا ومشردا ودون إقامة شرعية في تونس، أن يواجه مصير بعض من أصدقائه الذين تعرضوا للاعتداء في الشارع.

ويعيش كوني (32 عاما) في تونس منذ خمس سنوات ويحظى بشعبية فيما يبدو في الحي الذي يقطنه، حيث يقول السكان التونسيون إنهم يحبون سلوكه المرح ومبادرته بالحديث للجميع وكثيرا ما يعهدون إليه بأعمال صيانة بسيطة. لكنه يشعر الآن بالخوف ويقول "أنا مرتبك وقلق".

قال وعيناه تراقبان نهايتي الطريق خوفا من مرور سيارة شرطة "لا أصدق أننا نمثل مشكلة هنا".

 قيس سعيد ظ الرئيس قيس سعيد: الهجرة مؤامرة لتغيير التركيبة السكانية لتونس.
"الهجرة مؤامرة لتغيير التركيبة السكانية لتونس"؟ الرئيس التونسي قيس سعيّد دعا يوم الثلاثاء الماضي إلى "إجراءات عاجلة" لوقف تدفّق المهاجرين غير النظاميين من أفريقيا جنوب الصحراء، معتبراً أن وجودهم في تونس مصدر "عنف وجرائم وممارسات غير مقبولة". هذا التصريح أثار تنديد منظمات حقوقية تونسية وأفريقية حذرت من التداعيات الكارثية لخطاب الكراهية ضد المهاجرين.

بدأت مشاكل كوني الأسبوع الماضي عندما قال الرئيس قيس سعيد إن هناك مؤامرة لتغيير التركيبة العرقية لتونس وأمر قوات الأمن بوقف جميع أشكال الهجرة غير المشروعة وترحيل أي مهاجر يعيش في تونس بصفة غير قانونية.

وقال سعيد إن "الهدف غير المعلن للموجات المتلاحقة من الهجرة غير الشرعية هو جعل تونس دولة أفريقية بحتة لا تنتمي إلى الدول العربية والإسلامية".

 

خطاب الكراهية ضد المهاجرين في تونس

 

ووصف الاتحاد الأفريقي خطاب سعيد - الذي كرر نظرية "الاستبدال العظيم" بأن النخب السياسية تستبدل بالسكان الأصليين مهاجرين مؤيدين لها - بأنه "صادم" بينما أثنى عليه السياسي الفرنسي اليميني إريك زمور.

وأصدر سعيد بيانا ثانيا الأسبوع الماضي نفى فيه كونه عنصريا وقال إنه يريد من الشرطة تنفيذ القانون التونسي فحسب لكنه كرر فكرة وجود مؤامرة لتغيير التركيبة السكانية لتونس.

وفي غضون ذلك، امتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بروايات عن سوء المعاملة والخوف لأشخاص من ذوي البشرة السمراء في تونس منهم مهاجرون، بعضهم يحمل تأشيرات سارية وبعضهم لا، وطلاب أفارقة وتونسيون سود.

 

Today is #ZeroDiscriminationDay. As a proud Tunisian, Arab and African woman I celebrate the right of everyone to live with dignity pic.twitter.com/cDJFhx45y9

— Ons Jabeur (@Ons_Jabeur) March 1, 2023

 

وتحدث هؤلاء عن احتجازهم بسبب عدم حمل أوراق الهوية وتعرضهم للشتائم والرشق بالحجارة والطرد من منازلهم وفقدان وظائفهم.

وقال المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وهو مجموعة تُعنى بموضوع الهجرة والمهاجرين، إنه وثق المئات من حالات الاعتقال التعسفي والطرد من المنازل دون سابق إنذار.

وأضاف المنتدى أن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أنه وثق بعض الاعتداءات العنيفة، بعضها باستخدام سكاكين، قائلا إن الشرطة كانت بطيئة في التعامل معها. وقالت وزارة الداخلية إنها ملتزمة بتطبيق القوانين الوطنية والمعاهدات الدولية مع الاحترام الكامل لحقوق الإنسان.

وتجمع العشرات من مواطني ساحل العاج أمام سفارة بلادهم في تونس هذا الأسبوع مطالبين بالعودة إلى الوطن.

وقال أحدهم ويدعى بيري ديالي ستيفان "هوجمنا بعد خطاب الرئيس. نحن خائفون. طُردنا من المنزل".

وقال آخر يدعى فوفانا أبو إن الناس في منطقته أهانوه وهاجموه.

وأضاف "انهالوا علينا بالحجارة وقطع الخشب... لماذا؟ كلنا أفارقة!".

 

اقرأ/ي أيضًا | 

التصورات العنصرية غير مرتبطة فقط بلون البشرة

العنصرية في ألمانيا...جزء من حياة المهاجرين المغاربة

مشكلة العنصرية في الغرب...آفة الفوقية وتسييس الخوف

الدولة في المنطقة المغاربية بعد الربيع العربي: قطيعة أم استمرارية؟

 

 

‭‭‭‬‬‬حملة واسعة النطاق

 

ويقول منتقدو سعيد إن هذه الحملة تتماشى مع خطابه الناري الذي يركز على نظرية المؤامرة في الوقت الذي يواصل فيه حملة موازية على المعارضين السياسيين متهما إياهم بالتآمر على أمن الدولة بدعم من الخارج.

وسبقت هاتين الحملتين حملات على وسائل التواصل الاجتماعي من جانب مجموعات على الإنترنت من أنصار سعيد يقول منتقدوه إنها ترتبط بشكل متزايد بنهجه في الحكم.

كما تأتي في وقت صعب بالنسبة للرئيس إذ تلقي المشاركة المتدنية للغاية في الانتخابات البرلمانية بظلال من الشك على الدعم الشعبي لبرنامجه السياسي بعد سيطرته على معظم السلطات في عام 2021، ووسط أزمة اقتصادية.

وقال رمضان بن عمر الناطق باسم المنتدى الاقتصادي والاجتماعي إن "الحملة الرئاسية تهدف إلى خلق عدو وهمي للتونسيين لإلهائهم عن مشاكلهم الأساسية".

 

جمعية "كلام" التونسية تتعرض للتهديدات على مواقع التواصل بعد إعلانها عن حملة لجمع التبرعات لفائدة #المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء.

مهاجرون أطردوا من بيوتهم ينامون في العراء مع أطفالهم ومن بينهم رضع لا فقط يتعرضون للعنف بل يُمنع عنهم التضامن. أشعر بالخزي والعار #racism #Tunisie

— Wejdene Bouabdallah (@tounsiahourra) March 2, 2023

 

وبعد استخدام لغة رافضة للمهاجرين من جانب بعض المعلقين في وسائل الإعلام، دعت كل من نقابة الصحفيين وهيئة الإعلام السمعي البصري الصحافة على أن تكون أكثر حذرا في لغتها لتجنب التحريض العنصري.

وتشير الأرقام الرسمية إلى وجود 21 ألف مهاجر من دول إفريقيا جنوب الصحراء في تونس. ويرجح المنتدى الاقتصادي والاجتماعي أن يكون الرقم الحقيقي أكبر لكن ليس أكثر من خمسين ألفا.

وألغت تونس شرط الحصول على تأشيرة للعديد من البلدان الأفريقية خلال العقد الماضي. لكن الحصول على تصريح إقامة يمكن أن يكون أمرا صعبا للغاية.

ويهدف الكثير من المهاجرين في تونس إلى العبور بشكل غير مشروع إلى أوروبا، لكنهم غالبا لا يستطيعون تحمل التكلفة التي تبلغ مئات الدولارات للوصول إلى إيطاليا - وهي رحلة يقوم بها أيضا عدد متزايد من التونسيين.

وتقول مامويلا، وهي امرأة من ساحل العاج مكثت في شقتها في تونس لأكثر من أسبوع خوفا من الاعتقال، إنه لا يوجد ما يدعو التونسيين للخوف منها أو من مواطنيها.

وأضافت: "نريد فقط أن نصل إلى الجانب الآخر من البحر المتوسط حيث يمكننا أن نجد الفرصة".  (رويترز)