"لا يختار المرء أعداءه بنفسه ولا بديل عن الحوار"

يرى الخبير في شؤون الشرق الأوسط، بيتر فيليب، في تعليقه الآتي أنه على الرغم من استمرار الاحتجاجات ضد فوز أحمدي نجاد في الانتخابات الرئاسية يجد الغرب نفسه مُرغما على التعامل مع القيادة الإيرانية ولا ينبغي الشك في جدوى الحوار.

ناخبة إيرانية
"فيما يتعلق بالملف النووي يعلم الغرب أنهم لن يجدوا آذانا صاغية لدى المرشحين الآخرين حال فوز أحدهم بالرئاسة"

​​ علّق أحد المعلّقين الإسرائيليين على نتيجة الانتخابات الإيرانية بالقول إن إعادة انتخاب أحمدي نجاد في الواقع ليست من السوء بمكان بالنسبة للسياسية الإسرائيلية. وربما فرك جورج دبليو بوش يديه فرحا – لو كان لا يزال في منصبه - لأن صورة إيران العدائية ستظل كما هي. لكن أوباما، خليفة بوش، له أن يرى غير ذلك. وقد فعل خيرا عندما لم يفصح قبل الانتخابات في إيران عن تفضيله لأحد المرشحين. وحسناً فعل ذلك، لأن إعادة انتخاب أحمدي نجاد كانت متوقعة (بعيدا عن الظروف الحالية)، ولأن أي ثناءٍ من البيت الأبيض لأحد المرشحين كان سيضر هذا المرشح قبل بدء التصويت.

"ثائرون من أجل المحرومين"

الصدمة تخيب على أنصار التيار الإصلاحي بعد الإعلان عن فوز أحمدي نجاد بولاية رئاسية ثانية

​​ وعلى الجانب الآخر هناك نفس الإحساس بالصورة العدائية، فبعد الانتخابات لن يكفّ أحمدي نجاد عن الإساءة إلى خصومه المغلوب على أمرهم ووصفهم بأنهم عملاء للعدو في الخارج. وهذا يتناسب مع شخصيته التي دأب على التحلي بها كحارس للثورة وكـ"ثائر من أجل المحرومين".

وعلى الرغم من مثل هذه الشتائم يريد الرئيس المنتخب من جديد أن يتعامل مع الغرب، وعلى وجه الخصوص مع الولايات المتحدة. ولكن لا يريد أن يفتح معهم حديثا حول الملف النووي أو حقوق الإنسان أو دور المرأة أو الصراع الشرق أوسطي، تلك "المواضيع النمطية" التي يتبناها الغرب عند الحديث عن إيران.

يريد أحمدي نجاد أن يبيّن لأوباما كيف تكون ملامح أي عالم جديد جيد، ألا وهي أن لا تكون الكلمة فيه لفئة قليلة ولكن للشعب كله. وهذا مما يتناسب معه لأنه ينوّه إلى الفوز بالانتخابات في بلده، أما أوباما فلن يتأثر كثيرا بذلك.
وعلى الرغم من ذلك فإن الرئيس الأمريكي وأهم حلفائه الغربيين يعلمون منذ مدة طويلة أن مطالبتهم بوقف تخصيب اليورانيوم لا يمكن تنفيذها، ويعلمون أيضا أنهم لن يجدوا آذانا صاغية لدى المرشحين الآخرين حال فوز أحدهم بالرئاسة.

قواعد أساسية لحوار جديد

أحمدي نجاد، الصورة: ا.ب
"واشنطن تتمنى في صمت لو تجد مشاركا لطيفا في الحوار"

​​ منذ مدة، وبصورة غير رسمية، بدأ المرء يعتبر إيران قوة نووية، وحتى في إسرائيل أُجري الآن استطلاع رأي جاء فيه أن الغالبية ترضى وتسلّم بذلك فعلا، لكن ذلك لن يقلل من أهمية الحوار. لقد تجمع على مدى الثلاثين عاما الماضية الكثير من عوامل الصراع لدرجة أن المرء يمكنه، وينبغي عليه، أن ينتظر أربعة أعوام أخرى للتغلب عليها (دون نتيجة مؤكدة). وبمنتهى البساطة يمكن القول بأن أساسيات الحوار موجودة دائما، ألا وهي أن إيران لا تريد الوصاية من أحد عليها، وهذا ما يرفضه أوباما بالضبط. إن مما لا شك فيه أن واشنطن تتمنى في صمت لو تجد مشاركا لطيفا في الحوار. لكن المرء لا يمكنه أن يختار أعداءه بنفسه، ولا يمكنه إزاحة الفوارق معهم فقط.

من المؤكد أن الإيرانيين - وبالتأكيد ليس فقط مَن أصيب من بينهم بخيبة أمل - يرحّبون بمواصلة الحوار. كما أنهم لا يرحبون بالعنف والشغب الذي لا يأتي إلا بالبؤس والاضطهاد من جديد. لهذا فليست القلة منهم هي التي تراقب بتخوف ما خططه أحمدي نجاد على نطاق السياسة الداخلية. وعلى الرغم من أنه كان بإمكانه تنفيذ تلك المخططات في السنوات الأربع لفترة رئاسته الأولى، إلا أنه سوف يحاول بكل الوسائل أن يقاوم الفساد، ولن يترك في ذلك الشخصيات الكبرى أمثال الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني.

وعلى الرغم من أن هاشمي رفسنجاني خسر الانتخابات عام 2005 أمام أحمدي نجاد بفارق ضئيل، إلا أنه لا يزال من أقوى وأهم الرموز في إيران. واتخاذ أي إجراءات ضده سوف تزيد من شعبية أحمدي نجاد في بعض الدوائر، ولكنها في الوقت نفسه محفوفة بمخاطر المواجهات العلنية، وهذا ما لا يريده ولا يحتاج إليه أحد. فإيران لن تعرف الهدوء والاستقرار في المدى المنظور.

بيتر فيليب
ترجمة: عبد اللطيف شعيب
حقوق الطبع: دويتشه فيله 2009

قنطرة

الانتخابات الرئاسية في إيران 2009:
البطاطا تدخل "طبخة" المعركة الانتخابية الإيرانية
على الرغم من أنَّ ولاية الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد تعدّ بالنسبة للقسم الأكبر من الإيرانيين ذات نتائج مدمِّرة من الناحيتين الاقتصادية والسياسية، إلاَّ أنَّ عدم التصويت له يمكن أن يبوء بالفشل، وذلك لأنَّ الكثير من الناخبين قد يمتنعون عن الذهاب إلى مراكز الاقتراع. كاتايون أميربور من طهران تضعنا في أجواء الانتخابات الإيرانية وحظوظ أحمدي نجاد بالفوز.

الانتخابات الرئاسية في إيران 2009:
معركة المحافظين والإصلاحيين وسباق الأرقام الصعبة
ما يقلل من فرص محمود أحمدي نجاد في إعادة انتخابه لرئاسة ولاية ثانية سياساته الداخلية والخارجية التي أدت إلى عزلة إيران خارجيا وزيادة الأوضاع الاقتصادية سوءا. ومع ذلك ليس من المؤكد أن يستطيع منافسوه من معسكر الإصلاحيين إقناع الجمهور ببرامجهم الانتخابية. ماركوس ميشائلسن يلقي الضوء على برامج المرشحين وفرض فوزهم.

البرلمانية الإيرانية:
استفتاء على "النهج النجادي" أم رسالة للتغيير؟ رسالة للتغيير؟
لا تحظى الانتخابات البرلمانية الإيرانية باهتمام شعبي كبير في ضوء تغييب المعارضين وممارسات الأجهزة الأمنية ضد أصحاب التيار الإصلاحي، غير أن هذه الانتخابات تشهد مشاركة متزايدة من قبل النساء وفق ما رصده بيتر فيليب من طهران.