رئيس تشاد ديبي القتيل في الجبهة بُعيد إعادة انتخابه - حليف عسكري للقوى الغربية ضد الجهاديين

رئيس تشاد الراحل ديبي.. سياسي محنك تحالف مع الغرب ولقي حتفه على جبهة القتال: على مدى 30 سنة حكم خلالها تشاد، كان إدريس ديبي واحدا من الساسة الأفارقة المحنكين الذين نجوا من عواصف السياسة وتقلباتها، وقبض على السلطة بيد من حديد، وانتصر على حركات تمرد تمددت إحداها حتى وصلت إلى أبواب قصره، ورسّخ صورة لنفسه كحليف عسكري رئيسي للقوى الغربية.

لكن في إحدى اللحظات التي كانت تبدو واحدة من لحظات انتصاره، بعد ساعات فقط من إعلان فوزه بانتخابات 11 أبريل نيسان 2021، كان موعد الضابط السابق بالجيش البالغ من العمر 68 عاما مع النهاية. مات قتيلا في معركة مع المتمردين في الصحراء بشمال البلاد.

وحكم ديبي تشاد ثلاثة عقود عبر تركيز السلطة حوله هو وعائلته وجماعة الزغاوة العرقية.

كان مفتاح قبضته على السلطة هو جيش تشاد الضخم، الذي استغله لضمان السيطرة في الداخل وكسب الأصدقاء في الخارج.

ففي عام 2013، نشر ديبي 2000 جندي في شمال مالي للمشاركة في مهمة تقودها فرنسا لصد مقاتلين مرتبطين بتنظيم القاعدة، وجعل من تشاد الدولة الأفريقية الوحيدة التي تنشر قوة قتالية فعالة بشكل سريع.

وفي وقت سابق من هذا العام 2021، أرسل ديبي 1200 جندي إلى منطقة على حدود ثلاث دول هي النيجر وبوركينا فاسو ومالي، في منطقة وسع المتشددون الإسلاميون دائرة نفوذهم بها، فيما كانت القوات التشادية

تحارب على مسافة أبعد إلى الجنوب ضد مقاتلي جماعة بوكو حرام النيجيرية.

وتلك الأعمال جعلت فرنسا تشعر بالامتنان له. وفرنسا هي القوة الاستعمارية السابقة لتشاد ولها أكثر من 5000 جندي في منطقة الساحل القاحلة بغرب أفريقيا لمحاربة مسلحين مرتبطين بتنظيمي القاعدة

والدولة الإسلامية وتتطلع إلى استراتيجية تضمن لها الخروج في نهاية المطاف.

وعلق مكتب الرئيس إيمانويل ماكرون على وفاة ديبي في بيان قال فيه إن "فرنسا فقدت صديقا شجاعا، وتعرب عن التزامها القوي باستقرار تشاد وسلامة أراضيها".

وتدخلت قوات فرنسية في عدة مناسبات لإنقاذ ديبي من الخطر، كان آخرها في عام 2019 عندما قصفت الطائرات الحربية الفرنسية رتلا من المتمردين الذين كانوا يعبرون الصحراء قادمين من ليبيا.

تحديات متصاعدة

ولد إدريس ديبي في 18 يونيو حزيران عام 1952 في شمال شرق تشاد. انضم إلى الجيش في السبعينيات في وقت كانت فيه البلاد تتقلب على جمر حرب أهلية طويلة، وتلقى تدريبات عسكرية في فرنسا، ونال رخصة طيار.

عاد إلى تشاد في 1978 وأبدى دعمه للرئيس السابق حسين حبري وارتقى ليصبح قائدا للقوات المسلحة.

في 1990، استولى على السلطة عندما قاد جيشا من المتمردين الذين يعتمرون غطاء الرأس الصحراوي في هجوم استمر ثلاثة أسابيع انطلق من إقليم دارفور السوداني المجاور.

ومنذ ذلك الحين، صد ديبي عددا من حركات التمرد ومحاولات الانقلاب. وكان أقرب ما يكون إلى السقوط في 2008 عندما وصل متمردون من دارفور إلى العاصمة نجامينا وحاصروا القصر الرئاسي قبل أن تتدخل. فرنسا وتساعد في صدهم.

قائد في وقت الحرب

كان ديبي يرسم لنفسه صورة قائد في وقت الحروب. وكان كثيرا ما يرتدي الزي العسكري ويزور الجنود على جبهات القتال.

وقال دبلوماسيون ومحللون إن ديبي كان يهيئ ابنه بالتبني محمد إدريس ديبي إينتو، الذي عُين يوم الثلاثاء 20 / 04 / 2021 زعيما مؤقتا، ليتولى السلطة من بعده، لكنه لم يُبدِ أي إشارة على عزمه التنحي في أي وقت قريب.

ودفع بدستور جديد في عام 2018 من شأنه أن يسمح له بالبقاء في السلطة حتى 2033 رغم أنه أعاد فرض حدود على فترات الرئاسة. وفي العام الماضي 2020، حصل على لقب "مارشال".

لكنه كان يواجه استياء متزايدا يختمر في الداخل بسبب إدارته لثروة تشاد النفطية، وقمع المعارضة ومزاعم فساد.

وأثر تراجع أسعار النفط في السنوات الأخيرة على إيرادات الحكومة مما أدى إلى تقليص الخدمات فتمخض ذلك عن حركات إضراب بالقطاع العام.

وقاطع معظم خصوم ديبي الرئيسيين الانتخابات الأخيرة التي وقعت خلالها اشتباكات دامية بين أنصار المعارضة وقوات الأمن. رويترز 20 أبريل نيسان 2021

 

[embed:render:embedded:node:38099]