التأثير الغربي في تطوّر الكتابة العربيّة: علامات التّرقيم نموذجاً

أدّى الانتداب الأوروبيّ إلى انتشار اللّغات الأجنبيّة في البلدان العربيّة، ممّا أوحى للكتّاب والمثقّفين العرب بالبحث عن طرُق لتطوير اللّغة العربيّة - وذلك في نهاية القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين - كي تجاري اللّغات الأخرى، وذلك لأنّ اللّغات الأجنبيّة في ذلك الوقت بدأت تطغى على اللّغة العربيّة بسبب سهولة القراءة بتلك اللّغات (زكي، ١٩٠١: ٢). سأتكلّم في هذا المقال عن استخدام علامات الترقيم في منتصف القرن التاسع عشر كنموذج من تأثير اللّغات الأوروبيّة في تطوّر الكتابة العربيّة. سأشرح سبب إدخال علامات الترقيم على الكتابة العربيّة في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين مع الاستشهاد بأقوال المفكّرين والكتّاب في ذلك الوقت، من هؤلاء المفكّرين الكاتبة اللبنانيّة زينب فوّاز١، وهي من أوّل من تحدّث عن أهميّة إدخال علامات الترقيم على الكتابة العربيّة٢ (فوّاز، ٢٠٠٧: ١٠٥ - ١٠٧)، والعلّامة أحمد زكي٣ الذي أدخل علامات الترقيم رسميّاً على اللّغة العربيّة عام ١٩١٢. سأتحدّث أيضاً عن رأي المفكّرين المحافظين وعن ممانعتهم في إدخال أيّ جديدٍ على الكتابة العربيّة بهدف الحفاظ على قدسيّة اللّغة العربيّة (لغة التنزيل) والحفاظ على الهويّة العربيّة عن طريق تجنّب إدخال أيّ مظهرٍ من مظاهر لغة المستعمِر على اللّغة العربيّة (مينييه، ١٩٧١: ٩٤).

 

https://www.bidayatmag.com/node/1032?fbclid=IwAR0_J9kl8TipekXWAOwnprWpU…