نغمات الأمل رغم ألغام السياسة

تحتفل أوركسترا "ديوان الشرق والغرب" التي تضم إسرائيليين وعرباً بمرور 10 أعوام على تأسيسها على يد الراحل الكبير الفلسطيني إدوارد سعيد والموسيقار العالمي اليهودي دانيل بارنبويم. هذه الأوركسترا شكلت محطة مهمة في تعزيز قيمة السلام في الشرق الأوسط والعمل على إشاعة جو من الأمل بالمستقبل. سمير جريس في نظرة على هذه الأوركسترا.

​​ بعد عشرة أعوام من تقديمه آخر حفلاته في بايرويت جنوبي ألمانيا، يعود الموسيقار دانيل بارنبويم اليوم إلى مهرجان فاجنر ومعه أوركسترا "ديوان الشرق والغرب" ليقدم مقتطفات موسيقية من أوبرا فاجنر "تريستان وإيزولده"، وذلك في إطار الجولة التي تقوم بها أوركسترا "الديوان" بمناسبة مرور عشر سنوات على تأسيسها. وهذه هي المشاركة الأولى "للديوان" الذي يضم عازفين إسرائيليين وعرباً في مهرجان بايرويت العريق.

وكان بارنبويم - الذي ولد في بوينوس ايريس لوالدين يهوديين من أصول روسية - قد أسس الأوركسترا عام 1999 مع الناقد الأمريكي الفلسطيني الأصل إدوارد سعيد بهدف تعزيز قيمة التعايش السلمي في منطقة الشرق الأوسط، والتقريب بين العازفين العرب والإسرائيليين عن طريق الموسيقى الكلاسيكية. فماذا أنجزت الأوركسترا حتى الآن، وهل قرّبت بالفعل بين العرب والإسرائيليين؟ أم أن الموسيقى لا تستطيع أن تُصلح ما أفسدته السياسة؟ عن هذه الأسئلة أجابت مريم سعيد، أرملة الراحل الفلسطيني الكبير، والرئيسة الفخرية لجمعية "بارنبويم / سعيد" في حديث خاص لدويتشه فيله بقولها: "الأوركسترا أنجزت الكثير من الأشياء. هذه الأوركسترا خبرة، إنها نوع من خلق أجواء لغتها الموسيقى. وعندما يعزف الشبان العرب والإسرائيليون معاً فإنهم يتخطون هويتهم كأفراد ينتمون إلى دولة ما. لم تتغلب الموسيقى على الخلافات السياسية، ولكن كل عضو من أعضاء الأوركسترا تغير نوعاً ما، دون أن يغير آراءه بالضرورة."

"أسطورة في أوروبا"

العازفون يتدربون مع المايسترو في قاعة الأوبرا البرلينية
"الذهاب إلى فلسطين، إلى الأراضي المحتلة برفقة فنانين إسرائيليين وسوريين ولبنانيين وأردنيين ومصريين شكّل حدثاً تاريخيا"

​​ هذا ما عبّر عنه دانيل بارنبويم أيضاً مرات عديدة أمام وكالات الأنباء. في إطار هذا المشروع – يقول بارنبويم – "يحق للجميع التعبير عن رأيهم، ونحن لا نتوقع أن يقتنع كل شخص بوجهة نظر الآخر. ولكن على كل فرد أن يفهم أن فكر الآخر يستند إلى منطق ما، وينبغي عليه احترامه". ولا تخلو يوميات الأوركسترا من مشاجرات صاخبة بين أعضائه في بعض الأحيان، رغم ذلك يقول بارنبويم إن "الديوان" أنجز "تقدماً كبيرا". ويروي المايسترو حدثاً يعتبره "انتصاراً"، وذلك عندما قام بجولة موسيقية مع "الديوان" في يناير (كانون الثاني) في خضم الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. آنذاك جمع بارنبويم الموسيقيين ليقرروا ما إذا كانوا يريدون المضي في الجولة. يقول الموسيقار: "ظننت أني سأجد الإسرائيليين في جهة والفلسطينيين في الجهة المقابلة، غير أن الجميع كان له رأي واحد. وكان هذا الوعي المشترك الانتصار الذي حققه الديوان".

وعموماً يقيّم المايسترو بارنبويم حصيلة ما تم إنجازه في السنوات العشر الماضية تقييماً إيجابياً، ويضيف قائلاً: "على المستوى الموسيقي عزفنا أصعب المقطوعات الموسيقية في أهم الأماكن في العالم"، فضلاً عن أن "الاوركسترا صارت أسطورة في أوروبا، سمحت ببزوغ نمط تفكير بديل في شأن الصراع في الشرق الأوسط". ويتذكر الموسيقار حفل رام الله الموسيقي في عام 2005، موضحاً أن "الذهاب إلى فلسطين، إلى الأراضي المحتلة برفقة فنانين إسرائيليين وسوريين ولبنانيين وأردنيين ومصريين شكّل حدثاً تاريخيا"، ما كان لينفذ لولا "الحكومة الاسبانية التي منحت جميع الموسيقيين جوازات سفر دبلوماسية إسبانية".

"إدوارد سعيد مستاء من المفكرين المصريين"

قبل 10 سنوات أسس المفكر الفلسطيني إدوارد سعيد الأوركسترا تعزيزاً للسلام في المنطقة
"قصة التطبيع تذكرني بقضية الخيانة. إذا فكر الفرد بطريقة غير عادية، أو طرح فكرة جديدة، يصبح خائناً"

​​ وإذا كان "ديوان الشرق والغرب" قد أصبح "أسطورة" في أوروبا على حد قول بارنبويم، فإن معظم البلدان العربية تقاطعه وترى في نشاطه "تطبيعاً" مع إسرائيل، ولذلك لم يستطع "الديوان" أن يقدم سوى حفلتين في رام الله والرباط. مريم سعيد لا يسعها سوى أن تتعجب لموقف المفكرين العرب تجاه التطبيع، وتقول "قصة التطبيع تذكرني بقضية الخيانة. إذا فكر الفرد بطريقة غير عادية، أو طرح فكرة جديدة، يصبح خائناً، هكذا كانوا يفكرون عندما نشأت في لبنان. وإدوارد كان مستاء من المفكرين المصريين. أنا سمعته يتحدث مراراً مع مفكرين وأدباء مصريين وكان يقول لهم: أنتم الدولة الوحيدة التي وقعت اتفاق سلام مع إسرائيل. لديكم باب صغير يمكن فتحه، وعبرَه تستطيعون بناء جسر بين الضفة الغربية والمناطق المحتلة وبين العالم العربي – وإذا أنتم لم تبنوا هذا الجسر خنقتم أهل الضفة والأراضي المحتلة، وفصلتموهم عن العالم العربي".

سمير جريس
حقوق الطبع: دويتشه فيله 2009

قنطرة

أوركسترا "ديوان الشرق والغرب":
جنون الشرق الأوسط ......نغمات مليئة بالمواساة
في فترات الأزمات والحروب في الشرق الأوسط يقوم قائد الأوركسترا، دانيال بارنبويم مع أوركستراه الإسرائيلية العربية بجولات موسيقية. وهو يرى في أوركستراه "جمهورية مستقلة" - كما أنَّه يحمل رسالة تكاد تضيع في صخب المعارك والصراع الشرق أوسطي. سونيا زركي تستعرض أعمال هذه الأوركسترا.

سلام موسيقية
بارينبويم يعزف للسلام في رام الله
تقديرا لجهوده الكبيرة في تطوير الحياة الموسيقية في فلسطين وتوظيفه الموسيقى في خدمة السلام منح عازف البيانو الشهير دانييل بارينبويم جواز السفر الفلسطيني وذلك على هامش حفل موسيقي خيري أحياه بارينبويم في مدينة رام الله، خصص ريعه للرعاية الطبية لأطفال قطاع غزة.

دانييل بارنبويم:
دبلوماسية موسيقية
يتخطى قائد الأُوركسترا دانيل بارنبويم بموسيقاه كل الحواجز السياسية والدينية. عصا قائد الأُوركسترا على ما يبدو وسيلة لدعم الحوار الثقافي في منطقة الشرق الأدنى. تقرير بترا تابيلينغ