هل تُفضِي أول مبادرة من طالبان لوقف إطلاق النار -منذ التدخل الأمريكي- عن سلام دائم في أفغانستان؟

شهدت أفغانستان نهار الأربعاء 27 / 05 / 2020 يوما هادئا جديدا بدون أي حادث غداة انتهاء وقف لإطلاق النار أعلنته بمناسبة عيد الفطر حركة طالبان التي لم تكشف حتى الآن ما إذا كانت ستمدده.

ولم يسجل ليل الثلاثاء الأربعاء أي اشتباك يذكر وتواصل النهار بالشكل نفسه. ومنذ أربعة أيام تشهد أفغانستان توقفا في المعارك وتراجعا كبيرا في مستوى العنف.

وبينما أفرجت السلطات الأفغانية الثلاثاء عن 900 سجين من طالبان بعد مئة آخرين قبل يوم واحد، على أمل التوصل إلى تمديد وقف إطلاق النار، لم تعلن الحركة موقفها رسميا في هذا الشأن.

وقال ناطق باسم طالبان سهيل شاهين مساء الثلاثاء إن "الإفراج عن 900 أسير من قبل الطرف الآخر هو تقدم جيد. الإمارة الإسلامية ستفرج قريبا عن عدد كبير من السجناء". والإمارة الإسلامية هو الاسم الذي أطلقته الحركة على أفغانستان خلال حكمها من 1996 إلى 2001.

وفي خطوة مفاجئة، أعلن المتمردون الذين يكثفون منذ أسابيع الهجمات الدامية على القوات الأفغانية، السبت بشكل أحادي وقف المعارك كي يتمكن المواطنون من "الاحتفال بسلام وارتياح" بعيد الفطر.

وعزز وقف إطلاق النار الآمال في التوصل لهدنة أطول تمهد لمباحثات سلام بين الحركة الجهادية والحكومة الأفغانية.

والرئيس أشرف غني وافق على هذا العرض فورا وأعلن الأحد أنه سيتم "الإفراج عن عدد يصل إلى ألفي سجين من طالبان في مبادرة حسن نية"، حسبما صرح الناطق باسمه صديق صديقي.

وعمليات تبادل السجناء هذه - خمسة آلاف مقاتل من حركة طالبان مقابل ألف عنصر من القوات الأفغانية - منصوص عليها في اتفاق بين واشنطن وحركة طالبان تم توقيعه في 29 شباط/فبراير 2020 في الدوحة من دون ان تصادق عليه كابول.

وكانت كابول أفرجت قبل وقف إطلاق النار، عن نحو ألف سجين فيما أطلق المتمردون سراح حوالي 300 سجين.

وينصّ الاتفاق أيضاً على انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان في عملية تستغرق 14 شهراً شرط أن يحترم المتمردون التزامات أمنية وأن يباشروا مفاوضات مع السلطات الأفغانية حول مستقبل البلاد.

وكان الرئيس الأفغاني أشرف غني تعهّد الأحد 24 / 05 / 2020 بإطلاق سراح ألفي سجين لحركة طالبان، مبديا استعداده لإجراء محادثات سلام مع المتمردين بعد قبوله عرضهم وقف إطلاق النار لثلاثة أيام بمناسبة عيد الفطر.

ويأتي هذا التقدّم المفاجئ بعد أشهر من تصاعد أعمال العنف التي بدت كأنها تدفع عملية السلام بين الطرفين إلى حافة الهاوية.

وقال المتحدّث باسم الرئيس الأفغاني صادق صديقي إن "الرئيس غني أطلق اليوم عملية الإفراج عمّا يصل إلى ألفي سجين لطالبان، في بادرة حسن نية، وذلك ردا على إعلان طالبان وقفا لإطلاق النار خلال فترة العيد".

وكان غني قد كشف في خطاب إلى الأمة بمناسبة عيد الفطر أنه سيقوم بـ"تسريع عملية إطلاق سراح سجناء من طالبان". ودعا المتمردين إلى مواصلة الإفراج عن مسؤولين في قوات الأمن الأفغانية محتجزين لديهم.

وعمليات تبادل السجناء منصوص عليها في اتفاق بين واشنطن وحركة طالبان تم توقيعه في 29 شباط/فبراير في الدوحة إلا أنه لم تصادق عليه كابول.

وكان يُفترض أن تنتهي عملية تبادل السجناء الواسعة - خمسة آلاف عنصر من حركة طالبان مقابل ألف عنصر من القوات الأفغانية - في العاشر من آذار/مارس 2020 إلا أنها واجهت عقبات. وأفرجت كابول عن نحو ألف سجين فيما أطلق المتمردون سراح حوالى 300 أسير.

وينصّ الاتفاق أيضاً على انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان في عملية تستغرق 14 شهراً شرط أن يحترم المتمردون التزامات أمنية وأن يباشروا مفاوضات مع السلطات الأفغانية حول مستقبل البلاد.

وفاجأت حركة طالبان التي توقفت عن استهداف القوات الأجنبية لكنها كثّفت في الأسابيع الأخيرة هجماتها الدامية على القوات الأفغانية، مساء السبت الجميع بإعلانها بشكل أحادي وقف المعارك كي يتمكن المواطنون من "الاحتفال بسلام وارتياح" بعيد الفطر.

وأمرت قيادة المتمردين مقاتليها "باتخاذ تدابير خاصة لأمن المواطنين وبعدم إطلاق عمليات هجوم ضد العدو". لكن بإمكانهم الدفاع عن أنفسهم في حال تعرضوا لهجوم.

"وضع حدّ للمذبحة"

وفي مسجد في كابول، عبّر بعض سكان العاصمة صباح الأحد عن سرورهم بإعلان طالبان وقف إطلاق النار.

وقال ناسيمي عبيد الله البالغ 18 عاماً والذي يعمل في صالون لتصفيف الشعر، لوكالة فرانس برس "أنا سعيد (...) منذ ولادتي لم أعرف إلا الحرب"، "لكن هذا ليس كافياً، نريد وقفاً لإطلاق النار ووضع حدّ للمذبحة بهدف التوصل إلى سلام دائم في البلاد".

وهذه أول مرة تبادر فيها طالبان، من تلقاء نفسها، إلى إعلان وقف لإطلاق النار، منذ أطاح تدخّل عسكري دولي بقيادة الولايات المتحدة بنظامها في نهاية 2001. ولم يحصل مذاك سوى وقف إطلاق نار واحد أعلنه غني أثناء عيد الفطر عام 2018.

وقال أحمد فريد وهو سائق يبلغ 27 عاماً، "كل ما نعرفه في بلدنا هو الحرب والدماء. عانينا بما فيه الكفاية وحان الوقت لكي توقف طالبان قتل الأفغان" معرباً عن أمله في أن "تحترم كل المعسكرات وقف إطلاق النار".

والمرحلة القادمة من عملية السلام هي إطلاق المفاوضات بين طرفي النزاع في أفغانستان التي كان يُفترض أن تبدأ منذ أكثر من شهرين.

وقال غني الأحد "الآن، نريد أن نجري محادثات مباشرة مع طالبان في أقرب وقت ممكن بهدف وقف المذابح بحق الأفغان ونحن مستعدّون للغاية لهذه المفاوضات".

وسيقود عبد الله عبد الله، الخصم السياسي لغني منذ سنوات، مفاوضات السلام بموجب اتفاق تقاسم السلطة وقعه المسؤولان في 17 أيار/مايو 2020 ينهي أزمة استمرت أشهر عدة وبدأت بطعن الأول بنتائج الانتخابات الرئاسية التي كرّست الثاني فائزاً.

وقبل بضعة أيام من إعلان وقف إطلاق النار بمناسبة عيد الفطر، أكد زعيم حركة طالبان التزامها باحترام الاتفاق مع واشنطن. ورحّب الموفد الأميركي زلماي خليل زاد بوقف إطلاق النار معتبراً أنه "فرصة لا يجب تفويتها".

بدوره حضّ وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الجانبين على اغتنام هذه الفرصة وبدء مفاوضات السلام، لكنّه ذكّر طالبان بأنهم "تعهّدوا عدم السماح للمساجين المطلق سراحهم بالعودة إلى القتال"، مطالبا الجانبين بعدم التصعيد بعد العيد. أ ف ب

 

[embed:render:embedded:node:22242]