كورونا في مناطق الحروب العربية - هل يموت الناس بالشوارع وتتعفن الجثث بالعراء إذا انتشر الفيروس؟

يعيش العالم  تحت رحمة فيروس كورونا المستجد الذي شلّ التجارة العالمية وأجبر نصف سكان العالم على ملازمة منازلهم، ويبدو هذا الوباء قادرا على إعادة هيكلة العلاقات الدولية وحتى تهديد حكومات.

ودعت الأمم المتحدة قبل نحو أسبوعين إلى وقف لإطلاق النار في دول تشهد نزاعات، للمساعدة في التصدي لكوفيد-19، إلا أن أمينها العام أنطونيو غوتيريش نبّه الجمعة  03 / 04 / 2020 إلى أن "الأسوأ لم يأتِ بعد"، فيما لا يزال تأثير الوباء غير واضح على نزاعات المنطقة من سوريا والعراق مروراً باليمن وليبيا.

سوريا

سُجّلت أول إصابة بالفيروس رسمياً في سوريا بعد أسبوعين تقريباً من بدء وقف لإطلاق النار في إدلب (شمال غرب)، بموجب اتفاق روسي تركي وضع حداً لهجوم واسع شنّته دمشق لثلاثة أشهر.

ويعيش ثلاثة ملايين نسمة في منطقة سريان الهدنة وتشمل أجزاء واسعة من إدلب ومحيطها، إلا أن قدرة الهدنة على الصمود غير واضحة.

ويبدو أن المخاوف من قدرة الفيروس على الانتشار كالنار في الهشيم في كافة أنحاء البلاد التي استنزفتها تسع سنوات من الحرب، أوقف هجمات متفرقة على محاور عدة.

وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، شهد آذار/مارس 2020 مقتل 103 مدنيين، في أدنى حصيلة قتلى شهرية للمدنيين منذ اندلاع النزاع العام 2011.

وعلى الأرجح، فإن قدرة مختلف السلطات المحلية، من الحكومة المركزية في دمشق مروراً بالإدارة الذاتية الكردية (شمال شرق) وائتلاف الفصائل على رأسها هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) في إدلب، على التصدي لمخاطر الفيروس سيضع مصداقية الأطراف الثلاثة على المحك.

ويقول الباحث المتابع للشأن السوري فابريس بالانش لوكالة فرانس برس: "يشكل الوباء وسيلة لدمشق كي تظهر أن الدولة السورية كفوءة وعلى كافة المناطق أن تعود إلى كنفها".

ويمكن للوباء والتعبئة العالمية التي يفرضها أن يسرّعا رحيل القوات الأميركية من سوريا والعراق المجاور، ما قد يخلق فراغاً يمكن لتنظيم الدولة الإسلامية، الذي تمّ تجريده من "خلافته" قبل عام، أن يستغلّه لإعادة تصعيد هجماته.

اليمن

في اليمن حيث لم تُسجّل أي إصابة بعد، أبدى طرفا النزاع، الحكومة والمتمردون الحوثيون، دعمهما لدعوة غوتيريش إلى وقف القتال. إلا أن بصيص الأمل النادر خلال خمس سنوات من النزاع لم يدم طويلاً مع اعتراض السعودية صاروخين في سماء الرياض ومدينة حدودية، تبنّى الحوثيون إطلاقهما.

وردّت السعودية، التي تقود تحالفاً عسكرياً دعماً للحكومة منذ العام 2015، بشن ضربات على صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

ورغم تعثّر المحادثات مراراً وتكراراً، إلا أن مبعوث الأمم المتحدة مارتن غريفيث يجري مشاورات يومية في محاولة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار على مستوى البلاد.

ومن شأن تفشي فيروس كوفيد-19 في اليمن أن يفاقم الأزمة الإنسانية التي تُعدّ الأسوأ في العالم. ويهدد في حال بلوغه أفقر دول شبه الجزيرة العربية بكارثة إنسانية.

وما لم يتم التوصل إلى هدنة تفسح المجال أمام تقديم المساعدات الضرورية، فإن مصير سكان اليمن سيكون مجهولاً، في بلد انهارت منظومته الصحية وبات توفر المياه النظيفة نادراً ويحتاج 24 مليون نسمة فيه إلى مساعدات إنسانية.

ويحذّر سائق الأجرة في مدينة الحديدة الساحلية غرباً محمد عمر من أنه في حال انتشار الفيروس "سيموت الناس في الشوارع وتتعفن الجثث في العراء".

مقتل وإصابة 28 سجينة في قصف للحوثيين في تعز اليمنية: أفاد مصدر طبي يمني، يوم الأحد 05 / 04 / 2020، بمقتل وإصابة 28 سجينة في مدينة تعز، وسط البلاد، جراء قذيقة اطلقها الحوثيون، على مقر السجن المركزي.

وقال عبد الرحيم السامعي، مدير مكتب الصحة في مدينة تعز لوكالة الأنباء الألمانية (د  ب  أ)، إن مليشيا الحوثي قصفت مبنى قسم النساء في السجن المركزي بتعز ، جنوب غربى المدينة، بقذيفة ما أسفر عن مقتل 5 سجينات وإصابة 23 أُخريات.

وأوضح السامعي، ان هذه الحصيلة غير نهائية. واستنكر السامعي، هذا الاستهداف وقال: "قصف السجن جريمة ليس لها وصف. المليشيا لا تعرف حتى قوانين الحروب ولا تفرق بين المدنيين والمسلحين". ولم يصدر الحوثيون على الفور تعليقاً حول هذا القصف.

وتخضع مدينة تعز لسيطرة القوات الحكومية، فيما يسيطر الحوثيون على أطراف المدينة ويفرضون عليها حصارا منذ سنوات. 

ليبيا

على غرار اليمن، رحب طرفا النزاع الليبي بدعوة الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار لكنهما سرعان ما استأنفا الأعمال القتالية وتبادلا الاتهامات بخرق الهدنة، بعد قصف تعرضت له منطقة عين زارا جنوب العاصمة طرابلس.

وأبدى غوتيريش أسفه لوجود "هوّة شاسعة بين الأقوال والأفعال" معدداً البلدين من بين مجموعة دول أخرى.

ولعبت تركيا مؤخراَ دوراً عسكرياً مباشراً في النزاع الذي يمزّق ليبيا، دعماً لحكومة الوفاق الوطني المعترف بها من الأمم المتحدة في مواجهة القوات الموالية للمشير خليفة حفتر الذي اتخذ من شرق البلاد قاعدة له ويستمد شرعيته من مجلس النواب المنتخب العام 2014.

ولا يستبعد بالانش احتمال أن يحدّ الانسحاب الغربي المتسارع من الصراعات المختلفة في المنطقة من الدعم التركي لحكومة الوفاق الوطني.

ومن شأن ذلك أن يصبّ بالدرجة الأولى في مصلحة حفتر، الذي بدأ قبل عام هجوماً للسيطرة على العاصمة، تحوّل حرب استنزاف أهلية، لا سيما أنّه يحظى بدعم روسيا ومصر والإمارات.

وينذر تضرّر الدول الغربية بشدّة من وباء فيروس كورونا المستجد، ليس فقط بتغيير وجهة مواردها العسكرية بعيداً عن الصراعات الأجنبية، لكن أيضاً بالتوقف عن ممارستها دور الوسيط في محادثات السلام.

ونقل تقرير عن مجموعة الأزمات الدولية أن مسؤولين أوروبيين أفادوا أن الجهود المبذولة لضمان وقف إطلاق النار في ليبيا لم تعد تحظى باهتمام رفيع المستوى بسبب الوباء.

وفاة السياسي الليبي البارز محمود جبريل بكوفيد-19:  وتوفي الأحد 05 / 04 / 2020 محمود جبريل، الرئيس السابق للمجلس الوطني الانتقالي الليبي السابق أطاح نظام معمر القذافي في 2011، جراء إصابته بكورونا المستجد، وفق ما ذكر حزبه.

وتوفي جبريل (68 عاما) في القاهرة حيث كان يتلقى العلاج في المستشفى منذ أسبوعين، بحسب ما أفاد خالد المريمي، أمين عام تحالف القوى الوطنية الذي أسسه جبريل في 2012.

وأدخل إلى مستشفى الجنزوري التخصصي في القاهرة في 21 آذار/مارس بعدما تعرّض لذبحة قلبية. وبعد ثلاثة أيام، تأكدت إصابته بفيروس كورونا المستجد، وفق ما أفاد مدير المستشفى هشام وجدي.

وقال وجدي لفرانس برس في القاهرة إن جبريل الذي توفي الساعة 14,00 كان: "بدأ (...) يتعافى أول أمس لكن وضعه بدأ يتدهور مجددا".

وترأس جبريل المجلس الوطني الانتقالي، الذي كان بمثابة حكومة موقتة خلال الانتفاضة التي دعمها حلف شمال الأطلسي وأطاحت القذافي وأسفرت عن مقتله.

وكان المستشار الاقتصادي لنظام القذافي في سنواته الأخيرة قبل أن ينضم إلى "ثورة" العام 2011 ويتولى منصب رئيس الوزراء لفترة وجيزة.

وذكر وجدي أن جبريل فقد وعيه مرارا عندما كان في قسم العناية المشددة في المستشفى حيث فرض عليه حجر صحي منذ دخوله.

وأكد المريمي أن جبريل بدا في وضع مستقر في الأيام الأخيرة "حتى أنه كان يستعد لمغادرة المستشفى" قبل أن تتدهور حالته.

واستقال جبريل بعد ثلاثة أيام من اعتقال القذافي وقتله عندما سيطر مقاتلو المجلس الوطني الانتقالي على سرت، مسقط رأس القذافي، في 20 تشرين الأول/أكتوبر 2011.

وفي بدايات الانتفاضة الليبية، أجرى جبريل عدة زيارات إلى الخارج لحشد الدعم الأوروبي والأميركي للفصائل المقاتلة ضد القذافي.

وفي 2012، ترشّح جبريل في أول انتخابات ديموقراطية تشهدها البلاد في تاريخها وفاز حزبه في الانتخابات لكنه فشل في الحصول على الأغلبية في البرلمان الذي اختار مرشحا مستقلا لرئاسة الوزراء.

وفي ظل الفوضى وأعمال العنف التي اجتاحت ليبيا في السنوات التالية، غادر جبريل البلاد. وباتت ليبيا مقسومة بين حكومة تعترف بها الأمم المتحدة ومقرها طرابلس من جهة، وإدارة موازية في شرق البلاد. وأعلنت ليبيا أول وفاة على اراضيها بكورونا المستجد في وقت سابق هذا الأسبوع.

وذكرت السلطات الصحية أنه ثبتت إصابة امرأة تبلغ 85 عاما بكوفيد-19 في فحص أجري لها بعد وفاتها، بدون كشف مزيد من المعلومات.

ولم يتم إعلان أي إصابات في الجنوب والشرق، المنطقتين الخاضعتين بشكل كبير لسلطة موازية تحظى بدعم المشير خليفة حفتر الذي خاضت قواته معارك دامية في محاولة لاستعادة طرابلس.

العراق 

لا يشهد العراق حالياً نزاعاً شاملاً، إلا أنه يبقى عرضة لهجمات يشنّها تنظيم الدولة الإسلامية في بعض المناطق ومسرحاً لشدّ حبال أميركي إيراني، كاد أن يقود إلى صراع مفتوح في وقت سابق من هذا العام.

ورغم أن القوتين من بين أكثر الدول تأثراً بفيروس كوفيد-19، إلا أنّه ما من مؤشرات على توجههما للحد من المبارزة على الساحة العراقية مع مواصلتهما سياسة الردع والتهديد.

ومع مغادرة كافة القوات غير الأميركية تقريباً من صفوف التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية وإخلاء قواعد عسكرية، يُصار حالياً إلى إعادة تجميع الجنود الأميركيين، بعدد أقل وفي قواعد أقل.

وانتهزت واشنطن الفرصة لنشر بطاريات صواريخ باتريوت للدفاع الجوي، في خطوة تثير الخشية من تصعيد جديد مع إيران، التي تُتهم مجموعات مسلحة تابعة لها بتنفيذ ضربات صاروخية على قواعد أميركية في العراق. أ ف ب ، د ب أ 05 / 04 / 2020