وزير يهودي في حكومة تونس وآخر من حكم بن علي وتوازن حكومي بين نداء تونس والنهضة الإسلامي

عين رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد الإثنين 05 / 11 / 2018 رجل الأعمال اليهودي روني الطرابلسي وزيرا للسياحة ليكون أول وزير يهودي في الحكومة منذ زمن الرئيس الحبيب بورقيبة.

ويعتبر روني من المدافعين الأشداء عن التعايش السلمي بين اليهود والمسلمين في تونس، وثالث شخصية يهودية تنال منصبا وزاريا بعد كل من البيرت بسيس عام 1955 واندريه باروش عام 1956.

وتقول منى بن حليمة، الكاتب العام المساعد للجامعة التونسية للفنادق لفرانس برس، إن تعيين وزير من ديانة يهودية يعتبر "أمرا إيجابيا جدا لصورة البلاد، وهذه رمزية ندعمها"، معبرة عن املها في أن "لا يتوقف ذلك عند الرمزية".

ويعيش نحو 1500 يهودي في جزيرة جربة، مسقط رأس روني. وقبل استقلال تونس كان يتواجد بالبلاد نحو 100 ألف يهودي. ويتمركز بجزيرة جربة كنس الغريبة الذي يديره والد روني ويستقبل سنويا آلاف الحجاج، يؤمونه من مختلف بقاع العالم لأداء مناسكهم خلال فصل الربيع.

ويعد الطرابلسي من الشخصيات النشطة والمعروفة بين أفراد جاليته، حيث يشرف منذ سنوات على تنظيم مراسم الحج اليهودي الى جربة، الذي بدأ يعرف إقبالا متزايدا.

وكانت حركة الحج تراجعت خصوصا بعد الهجوم الانتحاري بشاحنة ملغومة استهدف الغريبة عام 2002 وتبناه تنظيم القاعدة بالإضافة الى الهجمات المسلحة التي قتل فيها سياح عام 2015.

وتشبث الرجل البشوش الخمسيني بالحفاظ على تنظيم مراسم الحج اليهودي في منطقته وإعادة تنظيمه. وقال روني في تصريح لخ خلال موسم الحج اليهودي في 2017 "كل الحجاج قبلوا بالذهاب (إلى الحج) بالرغم من تحذيرات بعض الدول من تونس، أظن أنهم شجعان ويعبرون عن حب تجاه تونس التي تعاملهم بالمثل".

وتابع "لم نقطع التواصل، هناك وثاق حقيقي". ولم يخض روني غمار الحياة السياسية غير أنه تم تداول اسمه في الصحافة التونسية قبل التعديلات الوزارية السابقة وفي كثير من الأحيان.

وقال في تصريح له في قناة الحوار التونسي (خاصة في رده على سؤال يتعلق باحتمال انضمامه لحزب سياسي "عندنا الكثير من الأحزاب السياسية ولكن إن كان هناك حزب اسمه تونس يعمل لأجله الكل جميعا اليد في اليد سألتحق به".

ورحب خبراء في قطاع السياحة في تونس بتعيين روني في منصب وزير وهو الرجل العارف بالقطاع. وتابع روني دروسا في فرنسا بعد إنهاء دراسته الثانوية في جربة وأسس وكالة "رويال فيرست ترافل" عام 1990 والتي تنقل سنويا نحو 300 ألف سائح فرنسي إلى تونس وفقا لمواقع متخصصة.

ولروني ثلاثة أطفال ويتنقل بين باريس وتونس وجربة وتقلد مهاما في الجامعة التونسية للفنادق. وتؤكد بن حليمة على أن روني "شخص يعرف كل القائمين على الفنادق، ونأمل في مقاربة أكثر إبداعا وأقل صلابة وعملا في العمق مع وزارة النقل".

كما بينت أنه مع اقتراب الانتخابات التشريعية والرئاسية من الممكن ألا يشغل منظم الرحلات والوزير الجديد منصبه "أكثر من بضعة شهور فقط".

وأعلن يوسف الشاهد رئيس الحكومة في تونس مساء الإثنين 05 / 11 / 2018، تعديلا وزاريا ليشمل 13 حقيبة وزارية وخمسة مناصب كتاب دولة برتبة وزير.

وجاء إعلان القائمة بعد أزمة سياسية استمرت لأشهر بسبب ضغوط حزب حركة نداء تونس الفائز بانتخابات 2014 والاتحاد العام التونسي للشغل، والذين تصدرا الجبهة المطالبة بإقالة الحكومة. وقال يوسف الشاهد إن "التعديل أخذ بعين الاعتبار الملاءمة بين عنصر الكفاءة والحوار مع الفاعلين السياسيين".

وأوضح أن الهدف من التعديل هو وضع حد للأزمة السياسية قبل عام من موعد  الانتخابات، واستكمال المسار المؤسساتي وحل مشاكل المواطنين بأداء أفضل وتوفير مناخات نقية وخارطة طريق واضحة. وتضمنت قائمة الوزراء الجدد الدبلوماسي السابق كمال مرجان في منصب وزير الوظيفة العمومية عن حزب المبادرة، والذي كان شغل منصب آخر وزير خارجية في حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي قبل سقوط حكمه في عام 2011.

كما تضمنت القائمة رجل الأعمال اليهودي روني الطرابلسي في منصب وزير السياحة بدلا من الوزير سلمى اللومي التي عينت مديرة الديوان الرئاسي للرئيس الباجي قايد السبسي. والطرابلسي الذي ينحدر من أقلية يهودية لا يتجاوز تعدادها 2500 نسمة، هو  نجل بيريز الطرابلسي رئيس معبد الغريبة الشهير بجزيرة جربة الذي يشهد احتفالات سنوية تستقطب اليهود من أصقاع العالم.

وتولى هشام بن أحمد منصب وزير النقل في التعديل الجديد بدلا من رضوان عيارة الذي بات الوزير المكلف بالتونسيين بالخارج كما سيتولى رجل  القانون فاضل محفوظ منصب وزير حقوق الانسان والعلاقة مع المجتمع المدني وكريم الجموسي منصب وزير العدل ونور الدين السالمي وزيرا للتجهيز والإسكان.

وعين الشاهد سنية بالشيخ وزيرة للشباب الرياضة وعبد الرؤوف الشريف وزيرا للصحة ومختار الهمامي وزيرا للشؤون المحلية والبيئة والهادي مقني وزيرا لأملاك الدولة وسيدة لونيسي وزيرة التكوين والتشغيل.

وحافظ التعديل الحكومي على التوازنات السياسية للائتلاف الحكومي المكون أساسا من حزبي حركة نداء تونس وحزب حركة النهضة الإسلامية، بجانب شخصيات سياسية وأخرى تكنوقراط. ( أ ف ب ، د ب أ)