بانورما فنية عربية في مدينة روتردام الهولندية

كانت القضايا الحساسة في المجتمعات العربية حاضرة في الدورة التاسعة لمهرجان روتردام للفيلم العربي بقوة، وخاصة قضايا المرأة والقمع السياسي وغياب الحريات والفقر والتهجير. عبد الرحمن عثمان حضر فعاليات المحرجان ويعرفنا بأهم مجرياته.

لوحة دعائية
مهرجان روتردام للأفلام العربية اضحى تظاهرة سينمائية و ثقافية مهمة

​​ رغم التنافس بين مهرجانات السينما على الفوز بالعرض الأول للأفلام التي تعرضها، فإن عدد المخرجين والمخرجات الذين اختاروا "مهرجان الفيلم العربي في روتردام" للعرض الأول لأفلامهم ازداد في الدورة التاسعة للمهرجان في الفترة من العاشر وحتى الرابع عشر من حزيران/ يونيو. فبعد توقف بينالي السينما العربية في باريس، بات هذا المهرجان أكبر تظاهرة للسينما العربية في أوروبا. ولأن كبرى مهرجانات السينما في الدول العربية مهرجانات دولية، بمعنى أنها لا تقتصر على عرض أفلام عربية فقط، بات مهرجان روتردام أكبر مهرجان متخصص بالسينما العربية.

جرأة في تناول قضايا المجتمعات العربية

و كانت القضايا الحساسة في المجتمعات العربية حاضرة في أفلام هذه الدورة بقوة، وخاصة قضايا المرأة والقمع السياسي وغياب الحريات والفقر، إضافة إلى قضايا المهاجرين العرب في أوروبا. فالفيلم الروائي "الليل الطويل" للمخرج السوري حاتم علي تناول قضية الاعتقال السياسي وأثره على المعتقلين وعلى ذويهم، من خلال تصوير أحداث ليلة يتم فيها الإفراج عن ثلاثة من قدامى المعتقلين في سوريا خلال فترة ما يعرف بـ"ربيع دمشق". أما فيلم "دخان بلا نار" للمخرج اللبناني سمير حبشي فتناول الأيام الأخيرة للوجود السوري في لبنان من خلال قصة بوليسية تجسد وحشية أجهزة المخابرات والتعذيب الذي تمارسه.

أما الأفلام الفلسطينية فتناولت كالمعتاد معاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال الإسرائيلي، ومنها فيلم "المر والرمان" لنجوى النجار. في حين تميز فيلم "إلى أبي" لعبد السلام شحادة لتناوله حقبات مختلفة من التاريخ الفلسطيني بأسلوب جمالي من خلال ما التقطته عدسة مصور عجوز على مدى نصف قرن في قطاع غزة.

إلهام شاهين ودرة بوشوشة، الصورة: عبد الرحمن  عثمان
بطلة فيلم "خلطة فوزية" إلهام شاهين مع عضو لجنة التحكيم، المنتجة التونسية درة بوشوشة

​​ والصورة كانت محور فيلم المخرجة العراقية ميسون باجه جي بعنوان:"العراق ـ عدسات مفتوحة" وهو يتحدث عن خمس نساء عراقيات في دمشق يشاركن في مشروع للتصوير كنوع من العلاج النفسي، ثم يعدن إلى وطنهن لرسم خرائط بالصور لحياتهن في العراق. وكان العراق حاضرا في مهرجان روتردام من خلال عدة أفلام بعضها تم تصويره في العراق ومعظمها خارجه. ومن الأفلام القليلة التي صورت في داخل العراق وفي خارجه، فيلم "80-82" لحميد حداد. هذا الفيلم يعالج مأساة مئات الآلاف من العراقيين الذين تم تهجيرهم إلى إيران في بداية عقد الثمانينات، ومازالت الغالبية العظمى منهم ممنوعة من العودة إلى العراق حتى بعد مرور كل هذه السنوات على سقوط نظام صدام حسين.

ومن الأفلام الوثائقية اللافتة للانتباه كان فيلم أبو بكر شوقي "المستعمرة" الذي يتناول حالة مرضى الجذام في مصر وما يعانونه من رفض اجتماعي وإهمال صحي، حيث يعيش بعضهم منذ عشرات السنين دون أن يغادروا المستشفى الذي تحول إلى مدينة معزولة في الصحراء. في هذا الإطار جاء أيضا فيلم "رؤية شرعية" لرامي عبد الجبار، الذي يتناول قصة امرأة مصرية شابة ملتزمة دينيا.

"فوزية و" حسيبة" ـ نماذج للمرأة العربية القوية

الفنانون حاتم علي، وهيثم حقي و احمد رشوان، الصورة: عبد الرحمن عثمان
استطاع المهرجان أن يفرض نفسه على الساحة الفنية من خلال قدرته كذلك على نسج شبكة من العلاقات المتميزة مع مهرجانات سينمائية معروفة في العالم العربي وخارجه

​​ تتسارع مشاهد الزواج والطلاق في الدقائق الأولى من فيلم المخرج المصري مجدي أحمد علي "خلطة فوزية"، الفائز بجائزة الصقر أو الفضي لمهرجان روتردام. وقالت ضيف شرف المهرجان إلهام شاهين، التي نالت جائزة أفضل ممثلة على دورها في هذا الفيلم، إنها قامت بإنتاجه بسبب إعجابها بشخصية فوزية، تلك المرأة الفقيرة التي لا تتنازل عن قناعاتها من أجل إرضاء المجتمع وتصر على العمل وتحمل المسؤولية، كما إنها لا تتوانى عن طلب الطلاق إذا كان فيه سعادتها وسعادة أطفالها.

والمرأة ذات الشخصية القوية تطالعنا أيضا في فيلم "حسيبة" للمخرج السوري ريمون بطرس عن رواية بنفس العنوان للكاتب خيري الذهبي. يصور الفيلم أحداثا تاريخية بين عامي 1927 و 1950 كما عايشتها "حسيبة" التي اشتركت في المقاومة ثم التحديات التي تواجهها أمام المجتمع الدمشقي كسيدة أعمال في مجتمع لم يكن يسمح بعمل المرأة.

الصقر الذهبي لـ "مسخرة" والفضي لـ"لخلطة فوزية"

جائزة المهرجان الكبرى (الصقر الذهبي) كانت من نصيب الفيلم الجزائري "مسخرة" للمخرج إلياس سالم، الذي قدم رؤية كوميدية ساخرة لواقع المجتمع الشعبي في الجزائر. وتدور أحداث الفيلم في قرية نائية عن شاب يحاول كسب ود أهل قريته من خلال فبركة قصة مفادها أن رجل أعمال فرنسي يعمل لدى الأمم المتحدة قد تقدم لخطبة أخته التي لا يريد أحد من القرية ان يتزوجها. فتبدأ القرية بالاستعداد لحفل زواج دون أن يكون هناك عريس.

ومنحت لجنة التحكيم، التي ضمت المنتجة التونسية ورئيسة مهرجان أيام قرطاج درة بوشوشة والممثل المصري خالد أبو النجا والممثل والمخرج الجزائري حكيم طرايدية، جائزة العمل الأول للمخرج المغربي نور الدين لخماري عن فيلمه "كازا نجرا" (الدار السوداء)، كما منحت تنويها خاصا للفيلم السوري "الليل الطويل" وتنويها آخر للممثلة المصرية فاطمة علي عن دوريها في فيلمي "بصرة" لأحمد رشوان و"رؤية شرعية" لرامي عبد الجبار.

وفي مسابقة الأفلام الوثائقية والتسجيلية منحت جائزة لجنة التحكيم الخاصة للفيلم العراقي "العراق ـ عدسات مفتوحة" للمخرجة ميسون باجه جي، وذهبت جائزة الصقر الفضي للفيلم اللبناني "سمعان بالضيعة" للمخرج سيمون الهبر، بينما ذهب الصقر الذهبي للفيلم الفلسطيني "إلى أبي" لعبد السلام شحادة.

عبد الرحمن عثمان ـ روتردام
حقوق الطبع: دويتشه فيله 2009

قنطرة

هوليوود في الخليج العربي:
مهرجان الشرق الأوسط السينمائي في أبو ظبي
إلى جانب مهرجانات السينما العالمية في كان والبندقية وبرلين يعد مهرجان الشرق الأوسط السينمائي في أبو ظبي واحدا من أهم مهرجانات الفن السابع في المنطقة. هذا المهرجان يفتح آفاقا جديدة لصناعة السينما العربية ويحظى بحضور إعلامي كبير وبحضور شخصيات فنية عالمية. كونستانتين شرايبر يعرفنا بهذا المهرجان.

السينما العربية:
هل ستحدد سينما المؤلف مستقبل السينما العربية؟
في السينما العربية بدأ يترسخ شكل جديد هو ما يسمى ب(سينما المؤلفين العربية). وتمتاز أفلامهم بطابعها الشخصي وبالأصالة، سواء من حيث اختيار موضوعاتها أو من حيث الأسلوب. فهل ستحدد هذه الأفلام مستقبل الفيلم العربي؟. تقرير ستيفاني سورِن.

لودفيغ أمّان: كيف تصل أفلام الشرق إلى أوروبا؟
المال والغرائبية والجماليات
تكاد تكون السينما الشرقية شبه غائبة في السوق الألمانية والأوروبية. لودفيغ أمّان، موزّع الأفلام المتخصص في قضايا الشرق، يشرح أسباب هذا الغياب ويبيّن أن بقاء تلك الأفلام في الظلّ لا يعود - في خلاف ما يعتقد الكثيرون - إلى الأحكام المسبقة بقدر ما هو عائد إلى أسباب تجارية.