سحر الجمال...عالم الخيال

تشكل رواية "ساحرة فلورنسيا" لسلمان رشدي إبحارا في عمق التاريخ، حيث تعود أحداثها إلى الفترة ما بين القرنين السادس عشر والسابع عشر واستوحيت أحداثها من شخصيات تاريخية، الإمبراطور الهندي أكبر، وأميرة فلورنسيا الأجمل على مستوى العالم. لويس جروب يعرفنا بهذه الرواية.

غلاف الرواية
"قام سلمان رشدي في هذه الرواية بالمقارنة بين امبراطورية المغول الهندية زمن جلال الدين محمد أكبر بعصر الرومانسية في إيطاليا، وبذلك شكك في تميّز الثقافة الغربية وقيمها على غيرها من الثقافات"

​​ بالنظر لِمَلَكته الأدبية يُعتبر سلمان رشدي من أفضل الكتّاب المعاصرين. كما أن أُفقه العلمي والأدبي والثقافي وإعجابه بوجود أشياء كثيرة ومختلفة في العالم وكذلك أيضا حِدّة نقده الاجتماعي يؤهله لأن يكتب "أدبا عالميا" رفيع المستوى. إن الذي مكّن سلمان رشدي من الاستفادة من العلاقة المتوترة بين الشرق والغرب كمَعين فكري أنه عاش بنفسه واقعة مأساوية. هذه العلاقة المتوترة تظهر أيضا في صورة "صراع الحضارات" الذي يشغل العالم أجمع هذه الأيام. كما أن اعتبار سلمان رشدي لمفهوم الهجرة رمزا عاما لعالَم واحد يُعدّ نوعا من الاستعارة المفيدة التي لم تُستغل كلية بعد.

النهضة الإيطالية والهند الإسلامية

سلمان رشدي، الصورة: د.ب.ا
يرى سلمان رشدي في هذه الرواية أن أوروبا في عصر الرومانسية والهند الإسلامية في عصر الامبراطورية المغولية عاشتا تجديدات وابتكارات هائلة

​​ لقد لاقى سلمان رشدي إعجابا كبيرا بمقالاته وأحاديثه الصحفية أكثر من رواياته منذ صدور روايته"زفرة العربي الأخيرة" عام 1995. فعلى سبيل المثال لاقت روايته "الجنون" التي صدرت عام 2001 نقدا لاذعا من النقّاد. وعليه فيمكن القول إن هذا الرجل المولود في بومباي أصبح مثل فنّان من دون تحف فنية. وعلى الرغم من ذلك فإن فكرة روايته "ساحرة فلورنسيا" الصادرة في بداية مارس / آذار هذا العام تعتبر فكرة جديدة وشيّقة.

قام سلمان رشدي في هذه الرواية بالمقارنة بين امبراطورية المغول الهندية زمن جلال الدين محمد أكبر بعصر الرومانسية في إيطاليا، وبذلك شكك في تميّز الثقافة الغربية وقيمها على غيرها من الثقافات. كان جلال الدين محمد أكبر، الذي حكم الهند من 1556 حتى 1605، يعادل فريدريك الأكبر الملقب بـ"ملك الجنود" والذي كان في الوقت نفسه فيلسوفا ومفكّرا، وفوق ذلك كان فاتحا ذكيا وذو سياسة حكيمة.

تاريخ حضارة العصور الوسطى المتنوع

قارن سلمان رشدي في أحداث هذه الرواية الهند المسلمة بفلورنسيا في عصر التنوير، حيث بعث برجل أوروبي أشقر يُدعى "مغول الحب" إلى بلاط الإمبراطور جلال الدين محمد أكبر، لِيدّعي هذا الرجل أنه عمّ الامبراطور. واستنادا إلى قصة ألف ليلة وليلة جعل سلمان رشدي "مغول الحب" يسرد قصصا أخرى على امبراطور الشرق العظيم كنوع من تقديم تاريخ حضارة أوروبا المتنوع في العصور الوسطى إلى القارئ.

في قلب الرواية تظهر امرأة فائقة الحُسن لتربط بين الشرق والغرب مرة أخرى. وقد عابت الكاتبة جويس كارول أوتس في نقدها لهذه الرواية بصحيفة نيويورك تايمز ريفيو على سلمان رشدي أن تصويره للنساء الحسناوات كان فيه شيء من الملامح الفتية. هذا لا يهمنا في هذا المقام، فسلمان رشدي حين يطلق لخياله العنان في الوصف الأدبي الذي لا يضاهيه فيه أحد يعتبر كمن في نشوة السكر. وهنا يمكن ذِكر مقولة أرسطو: "في وفرة الأشياء لا يستطيع المرء أن يمّيز بين الحَسَن والقبيح".

من غوتنبرغ إلى جوجل

صورة متخيلة،
رواية تطل على التاريخ الماضي برؤية حضارية ثقافية

​​ على الرغم من ذلك فإن الرواية مليئة بكمّ من المعلومات المنتقاة التي تجعل عند القارئ رغبة في الإصغاء إلى الكاتب في فكّ رموز روايته. ومن التعليقات الشيقة ما كُتب عن رواية "ساحرة فلورنسيا" في سلسلة Authors@Google بالانترنت (أنظر رابط الفيديو بالأسفل). في هذا الفيديو يتحدث سلمان رشدي أولا عن علاقة التبادل الفكري مع الإعلام في كل عصر ويمتدح عن قناعة إمكانيات الانترنت الحديثة، ويقول: "وجدتُ كثيرا من المصادر المهمة متاحة عبر الانترنت، وجدير بالذكر أن صفحات Persian Literature in Translation وفّرت عليّ مجهود نصف عام.

أسلوب سلمان رشدي في الكتابة من البساطة والسهولة بمكان، كما أنه يعالج المسائل الكبيرة والصعبة المتعلقة بالأدب والهويّة بأسلوب بسيط، ويبيّن أن الحاضر يعكس الماضي وأن المرء يستطيع أن يتعلّم الكثير من القرنين الخامس والسادس عشر إذا أراد بحث ظاهرة الطغيان أو مواضيع مثل النبوغ أو الابتكار. ويرى سلمان رشدي أن أوروبا في عصر الرومانسية والهند الإسلامية في عصر الامبراطورية المغولية عاشتا تجديدات وابتكارات هائلة، منها التطور الفني والثقافي والتفوق البشري. يقول الكاتب، في إشارة إلى اكتشاف العالم الجديد في القرن الخامس عشر، "إنني أسرد كل ذلك لأننا أيضا نعيش في زمن مليء بتغيرات وتقلبات هائلة، وأريد أيضا أن أوعز للمرء بتصور الحياة في ذلك الزمان. آنذاك تبين للمرء أن كل ما عرفه على وجه التقريب عن العالَم كان خطأً وأنه في الواقع عالم مختلف تماما".

هويّات متغيرة

عندما سُئل سلمان رشدي عن الجدل الذي صار حول رواية "آيات شيطانية" أجاب بأن السفر قد يجعل المرء يشك بقوة في تصوّره عن نفسه شخصيا وعن العالم، وهذا ما أراد معالجته بالفعل في الرواية، ويعلق على ذلك قائلا "عندما يترك مهاجر وطنه ويعيش في بيئة جديدة فإنه حتما سيواجه تحديات صعبة، مثل: ماذا تريد أن تحتفظ لنفسك؟ وماذا تريد أن تتخلى عنه؟ ما الذي يمكن أن تتقبله من الجديد، وما الذي يمكن أن ترفضه؟"
هذه الأسئلة مرتبطة بقرارات صعبة قد تستمر طيلة الحياة أو حتى على مدى أجيال كاملة. وهذا هو بالفعل موضوع رواية "آيات شيطانية"، بحسب سلمان رشدي. ويرى رشدي أن هذه التحديات الصعبة متعلّقة في نهاية الأمر بالعقيدة، وأنه لم يكن يعني عقيدة بعينها ولكن العقيدة على وجه العموم وردود الفعل على الشك في العقيدة. ويعلق قائلا: "يبدو أن بعض الناس لا يريدون مواجهة هذه الأسئلة".

لويس غروب
حقوق الطبع: قنطرة 2009

قنطرة

عشرون عاماً على فتوى الخميني ضد سلمان رشدي:
شيطنة التنوير ومعركة التغيير
قبل عشرين عاماً أصدر الخميني فتواه ضد سلمان رشدي، مؤلف رواية "الآيات الشيطانية". وفيما ظل الكاتب البريطاني الهندي الأصل منتقداً لسلطة الدين، إلا أنه يحتج أيضاً وبأعلى صوته على التمييز الذي يُعامل به المسلمون. لويس غروب يلقي الضوء على هذا الكاتب الذي استطاع رغم كل شيء الحفاظ على استقلالية أحكامه النقدية.

قضية سلمان رشدي:
الكاتب الذي الذي يمد الجسور ويثير الجدل
التمزق بين الشرق والغرب والضياع الروحي موضوعان يقعان في مركز اهتمام الكاتب سلمان رشدي في روايته "آيات شيطانية"، التي تثير مرة أخرى بعد عشرين سنة من صدورها احتجاجات عارمة. مقال بقلم أنجلا شادر

تعليق: احتجاجات على منح سلمان رشدي لقب "فارس"
التكتيك الشيطاني في تسخير الدين لأغراض سياسية
شهدت طهران وإسلام آباد مظاهرات حاشدة، إحتجاجا على قيام ملكة بريطانيا بمنح الكاتب سلمان رشدي لقب "فارس". ولكن هل تعبر هذه المظاهرات حقا عن سخط شعبي فعلي أم أنها مدبرة من أجل التغطية على المشاكل الداخلية والخارجية لتلك البلاد؟ تعليق بيتر فيليب.

Salman Rushdie bei Authors@Google

Persian Literature in Translation