"سأخوض الانتخابات ولا أنتظر من النظام ختم السماح"

زعيم حزب الغد الليبرالي، أيمن نور، تحدث في القاهرة إلى أريان فاريبورز ومحمود توفيق عن مستقبل حزبه ووضع المعارضة الليبرالية في مصر وعن نيته خوض الانتخابات الرئاسية المقبلة رغم القيود القانونية الموضوعة عليه.

  أيمن نور، الصورة: د.ب.ا
"القضية الأساسية أن الإصلاح السياسي هو الجوهر والفساد في مصر هو القضية الأولى"

​​ يرى العديد من المراقبين أن إطلاق سراحكم يعود إلى ضغوط مارستها الإدارة الأمريكية على الحكومة المصرية. كيف تنظرون إلى وجهة النظر هذه؟

أيمن نور: الضغوط الأمريكية هي جزء من الواقع المصري. ولكن ليست لدي معلومات محددة، فلا أستطيع أن أقطع بمثل هذا الرأي أو غيره. لكن عندي بالطبع معلومات أن هناك محاولات من دول كثيرة للدفاع عن حقي، ويسعدني أن أبلغكما أن أول من دافع عن حقي كان البرلمان الألماني، عندما تقدم ببلاغ أمام اتحاد البرلمانات الدولية ضد قرار اعتقالي.

إذن كيف تفسرون التوقيت الذي جاء فيه الإفراج – لماذا الآن بالذات؟

نور: هذا هو السؤال؛ أي ما الذي استجد حتى يتم إطلاق سراحي – ليست لدي معلومات في الحقيقة. لكن ما يمكنني قوله هو أن الفترة التي كانت متبقية على خروجي هي أربعة أشهر. أعتقد أنهم – في الوقت الضائع – حاولوا أن يحسنوا صورة النظام بالإفراج عني.

كيف تقيمون وضع المعارضة اللليبرالية في مصر ، لاسيما أنها قد تكبدت خسارة فادحة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية عام 2005؟

نور: المعارضة الليبرالية لم تقمع لكونها معارضة ليبرالية، ولكن لتكريس فكرة أنه لا بديل أمام مصر داخليا إلا التطرف أو الاستبداد. تعرضنا للقمع لنفي أننا بديل ثالث. لكن أعتقد أننا بخروجي سنتمكن من إحياء هذا المشروع مرة أخرى. وأعتقد أننا أمامنا معركة عنيفة.

وما الذي يقدمه هذا البديل الثالث للشعب المصري؟

أيمن نور في زيارة تفقدية لمقر حزبه الذي أكلته النيران، الصورة
"المعارضة الليبرالية لم تقمع لكونها معارضة ليبرالية، ولكن لتكريس فكرة أنه لا بديل أمام مصر داخليا إلا التطرف أو الاستبداد"

​​ نور: التيار الليبرالي يقدم رؤية لدولة القانون. حلول براغماتية بسيطة وواضحة. قدرة على إدارة هذا الوطن الساعة الثامنة وخمس دقائق صباح غد. أي أنه إذا تركت هذه السلطة الحكم الساعة الثامنة صباحا، الساعة الثامنة وخمس دقائق نستطيع أن نحل محلها. لدينا برامج واضحة جدا، لدينا برنامج تفصيلي، أكثر من 1200 صفحة، أكبر برنامج في تاريخ الأحزاب المصرية كلها. حلول يومية، تدير الحياة، ولاتخيف الناس من التغيير، لآن مصر تخاف من التغيير.

بالإضافة إلى ذلك نحن حزب يمثل جيل الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين العشرين والثلاثين عاما. أنا عمرى 44 عاما فأنا أكبرهم كثيرا في السن، لكن في النهاية أنا سني نصف سن أي قيادة في الأحزاب الأخرى، التي عادة ما تكون متجاوزة لعمر الثمانين.

مما يؤخذ على أحزاب المعارضة المصرية – بما فيها الأخوان المسلمون – أنها تركز في مطالبها على الإصلاحات السياسية، في حين تفتقد إلى رؤية اقتصادية واضحة. أينطبق ذلك أيضا على حزب الغد؟

نور: نحن نمثل أفكارا ذات طبيعة خاصة، إذ نمثل أفكار الطريق الثالث، مثل شرودر سابقا في ألمانيا وتوني بلير ودول أخرى كثيرة في العالم تبنت الإصلاح الليبرالي الإجتماعي. لكن لابد ألاّ يشغلنا هذا عن القضية الأساسية أن الإصلاح السياسي هو الجوهر والفساد في مصر هو القضية الأولى. والفساد لا يواجه بالمعالجة الاقتصادية، الفساد يواجه بالإصلاح السياسي وبالرقابة وبالتوازن بين السلطات وبتنمية دور السلطة القضائية وإلى غير ذلك من الأمور.

ما هو تصوركم للدور الذي ستلعبونه على الصعيد السياسي في السنوات القادمة، خاصة وأن الدولة قد فرضت عليكم قيودا تمنعكم من العمل السياسي بحرية وخاصة حق الترشح في الانتخابات الرئاسية القادمة.

مسيرات تضامنية مع نور، الصورة: ا.ب
"الأحزاب في مصر ليست أحزابا مؤسسية بالشكل الحقيقي"

​​ نور: بغض النظر عن وجود قيود من عدمها – لدينا آليات نتجاوز بها هذه القيود. وأقول لكل من دافع عن حريتي، عليهم أن يدافعوا أيضا عن حقوقي. لأن المقصود من اعتقالي لم يكن اعتقالا شخصيا، بل حقوقيا. الإفراج عن شخصي دون الإفراج عن حقوقي عمل يخصم من صورة الحياة السياسية في مصر ويعطي انطباعا سيئا حول استمرار الدولة بالمنطق المستبد في إقصاء أشخاص بعينهم لحسابات سياسية. أنا شخصيا لا يوجد لدي شعور أنني ممنوع من أي شيء، فأنا سأخوض الانتخابات الرئاسية القادمة ولا أشعر بمثل هذه القيود لأنني لا أستمد شرعيتي من الدولة ولا أنتظر من النظام أن يعطيني ختم السماح.

وماذا عن حزب الغد؟ من المعلوم أنه حدثت فيه انشقاقات بعد اعتقالكم، واختفى تماما من الساحة السياسية بعد أن كان من أهم الأحزاب المعارضة الجديدة.

نور: لم يكن هناك انشقاق، ما حدث هو أن بعض الأشخاص فصلوا من الحزب، بعد أن أيدوا الرئيس مبارك تحت الضغوط في الانتخابات الرئاسية. فهؤلاء قد استخدمتهم الدولة كالقفاز في محاولة منها لإفساد حزب الغد. وقبل خروجي بأسبوعين صدر حكم لصالحنا بعودة الحزب، لكن بالفعل خلال فترة وجودي في السجن كدنا نفقد الحزب نتيجة تدخل الدولة، ولم يكن بسبب الانشقاق.

مع ذلك هناك من يقول إن حزب الغد هو أيمن نور...

نور: لا، هذا ليس كلام صحيح. أيمن نور جزء مهم في حزب الغد. الأحزاب في مصر ليست أحزابا مؤسسية بالشكل الحقيقي. هذا عيب من عيوب الحياة الحزبية في مصر، فهي تعتمد على الجانب الشخصي. وهذا ليس عيب على الإطلاق، حتى علميا هذا شيء موجود في الكثير من دول العالم. ولكن أبسط دليل أنني قضيت أربع سنوات في السجن والحزب لم يمت. وبالعكس، الحزب ولدت فيه قيادات شابة. نعم لي دور لأنني مؤسس الحزب، لأنني صاحب البرنامج وصاحب الفكر. عادة في مصر الناس يرتبطون بالشخص أكثر مما يرتبطون بالحوائط والجدران والأوراق.

أجرى الحوار: أريان فاريبورز ومحمود توفيق
حقوق الطبع: قنطرة 2009

قنطرة

أبعاد الإفراج عن المعارض المصري أيمن نور:
فاتحة لبداية عهد جديد في العلاقات الأمريكية المصرية؟
يرى الكاتب والصحافي التونسي سليم بوخذير أن الإفراج عن أيمن نور، احد أهم رموز المعارضة المصرية الليبرالية، استوجبته دواع سياسية عديدة اجتمعت معا، كان أهمها رغبة الحكومة المصرية في فتح صفحة جديدة في العلاقات مع إدارة أوباما وتخفيف حالة الاحتقان، التي خلقها اعتقالها له في علاقتها مع المجتمع المدني المصري ومنظمات حقوق الإنسان الدولية.

الاستبداد السياسي في العالم العربي:
لعنة الدكتاتورية وشبح الديمقراطية
على الرغم من بعض المحاولات الضعيفة لإحداث إصلاحات سياسية في بعض الدول العربية وبعد هذه الدول عن إحداث تحول ديمقراطي حقيقي وحقيقة أن القادة العرب في معظمهم من الطاعنين في السن، إلا أنهم استطاعوا أن يبقوا على حكمهم على مدار عقود طويلة. ولكن كيف نجح هؤلاء في التكيف مع المتغيرات الإقليمية والدولية وما مسوغاتهم لرفض الإصلاح والديمقراطية؟ نور الدين جبنون في محاولة للإجابة عن هذه التساؤلات.

المشهد السياسي في مصر:
ما مستقبل الليبراليين؟
يرى الصحفي المصري إسندر العمراني أن هناك أدلة على وجود تأييد لليبرالية في مصر ولكن السؤال هو ما إذا كان بإمكان الأحزاب الليبرالية الحصول على تأييد المصريين وتشكيل قاعدة انتخابية.