الديموقراطية والحرية مبادئ إنسانية عامة!

في حوار مع موقع قنطرة تتحدث سهير الأتاسي عن موقف منتدى جمال الأتاسي من إعلان دمشق، الذي تتخذه السلطة السورية ذريعة لزج ناشطي حقوق الإنسان في السجن، كما تتناول المشاكل التي تواجهها المعارضة السورية.

سهير الأتاسي، الصورة: الأرشيف الخاص
"أنا مقتنعة تماما بأن من المستحيل أن تقوم هذه السلطة بأي إصلاح أو بأي تغيير. وليس فقط عن عجز، بل لأنها لا تملك إرادة القيام بالإصلاح الضروري. "

​​في حوار مع موقع قنطرة تتحدث سهير الأتاسي عن موقف منتدى جمال الأتاسي من إعلان دمشق، الذي تتخذه السلطة السورية ذريعة لزج ناشطي حقوق الإنسان في السجن، كما تتناول في الحوار المشاكل التي تواجهها المعارضة السورية.

ثمة إجماع لدى المراقبين والمهتمين بالشأن السوري بأن المعارضة السورية معزولة عن المجتمع تماما. ما سبب هذه الظاهرة برأيك؟

سهير الأتاسي: علينا أن ننظر إلى الموضوع من جهتين: من جهة نرى أن هناك أسبابا موضوعية وهي حصار السلطة، القمع، الاستبداد. إذن لا توجد فرصة لدى المعارضة لتطوير نفسها.

في الوقت نفسه توجد إشكاليات ذاتية: أولا بالنسبة إلى الأحزاب، هي لم تقم بإجراء مراجعة نقدية لسلوكها منذ تأسيسها حتى اليوم: أين نحن، أين الأهداف التي نطرحها، هل نسير على الطريق الصحيح؟

أما بالنسبة إلى المجتمع المدني، فلأنه كان غائبا كل السنوات الماضية، نجد بالتالي أن أغلب ناشطيه حزبيون، فكل الأشخاص الذين يتحركون ضمن هذا الفضاء ينتمون إلى أحزاب المعارضة. هذه مشكلة للمجتمع المدني لأن هؤلاء أشخاص غير مستقلين. فكلهم لديهم خلفيات إيديولوجية تشكل عائقا لأي عمل مدني حقيقي.

هناك مشاكل أخرى مثلا مشكلة الاستثمار العاطفي الذي تستعمله السلطة والذي تقبل به المعارضة: هناك ضغط خارجي إذن علينا التزام الصمت. فالمعارضة تنجر دائما إلى الاستثمار العاطفي. عندما نطالب بحقوق الإنسان والحريات تقول السلطة إننا نطالب بهذا لأن البلاد تواجه خطرا خارجيا .حتى الآن لم تقم المعارضة بالنقلة المهمة أي أن تقول: نحن نطرح هذه المطالب لأننا نستحقها، إن كان هناك خطر خارجي أم لا، نحن نستحقها كشعب.

الإشكالية الثانية هي أن المعارضة تفضّل أن تبقى موجودة بهامش ضيق تماما على أن تخاطر بأن لا تكون موجودة على الإطلاق. وهناك مشكلة أخرى إذ تمنع السلطة المعارضة من الانخراط في صفوف الشباب، فهي تقول باستمرار إن الشباب خط أحمر، فحتى الآن القسم الأكبر من المعارضة يقبل بأن يتحرك بين هذه الخطوط الحمر حتى يحافظ على وجوده.

لماذا يشكل الشباب خطا أحمر؟ أليسوا غير مسيسين؟

الأتاسي: هم الشريحة الأكبر، ويزرعون الخوف في نفس السلطة، هم يستطيعون أن يقوموا بشيئ فعلا. أنا مقتنعة تماما بأنه من المستحيل أن تقوم هذه السلطة بأي إصلاح أو بأي تغيير. وليس فقط عن عجز، بل لأنها لا تملك إرادة القيام بالإصلاح الضروري. هي تسيطر على مقدرات البلاد وعلى المؤسسات التي ينتشر فيها الفساد. وأي إصلاح سيكون على حساب المصالح الموجودة لهذه الفئة الحاكمة.

وخير دليل على خوف السلطة من الفئة الشبابية هو طريقة تعاملها معها، فهي لم تعامل أي فئة بتلك القسوة التي عاملت بها شباب الجامعات، فهي تطردهم من الجامعة أو تعتقلهم. هي كانت تعتقل الجيل الأكبر ليوم أو يومين أو ساعة أو ساعتين. ولكن الذين يحتفظون بهم في المعتقلات معظمهم من الشباب. وأغلب المعارضة قبلت أن تمشي مع هذه الهوامش التي حددتها السلطة.

والإشكالية الثانية لدى المعارضة هي خطابها، فهو دائما خطاب النخبة القائم على الشعارات الكبيرة، وهي بذلك لا تستطيع أن تصل إلى المواطن بأموره البسيطة. الطلاب استطاعوا أن يحققوا شيئا لأنهم بدأوا بحركات مطلبية. كانت أهمية حركتهم أنها كانت حركة تقوم على مطالب الطلبة ومعاناتهم وليس على شعارات كبيرة كالتغيير والديموقراطية.

أصدرت بعض الأحزاب والجمعيات في شهر تشرين الأول/ اكتوبر الماضي ما سمي بـ"إعلان دمشق للتغيير الديمقراطي". ما موقف منتدى جمال الأتاسي للحوار الديموقراطي من هذا الإعلان؟

الأتاسي: في البداية نحن كمجلس إدارة أعلنا انضمامنا لإعلان دمشق بخطوطه العامة والعريضة. قلنا إن هناك أمورا تفصيلية قد نختلف فيها مع ما ورد في إعلان دمشق، ولكننا مع الإعلان في خطه العام الذي تبدو أهميته في طرح موضوع التغيير الديموقراطي والقطع مع السلطة لأننا قطعنا الأمل بهذه السلطة، وهذه نقطة هامة جدا.

لذلك انضم منتدى جمال الأتاسي إلى الإعلان وأعلن تأييده له، ولكن حين تم اختيار ممثلين عن القوى والفعاليات السياسية لتمثل الإعلان وتتحدث باسمه رفضنا أن نختار ممثلا لنا لأننا اعتبرنا أنفسنا قوة مدنية والقوى التي أسست إعلان دمشق في البداية كانت قوى سياسية بامتياز. فأعلنا تأييدنا بدون أن يكون لنا ممثل داخل هيئات إعلان دمشق.

وما أود أن أضيفه هنا هو أن إعلان دمشق كان مهما جدا في البداية كنقطة انطلاق، بالعدد الكبير من القوى السياسية التي التفت حوله، وبموضوع القطع مع السلطة وبموضوع التغيير الديموقراطي. ولكن في نفس الوقت كانت عندنا مخاوف من أن يتحول إعلان دمشق إلى بيان مثل بقية البيانات التي تنشر على الإنترنت ولا تجد طريقها إلى التطبيق على أرض الواقع.

هل لك أن تفصلي أكثر في موضوع الانتقادات، إذ تعرض إعلان دمشق لانتقادات كثيرة؛ فهل لمنتدى الأتاسي انتقادات للإعلان أيضا؟

الأتاسي: طبعا، أكيد لدينا انتقادات. ولكن لا نستطيع كمنتدى أن نصدر شيئا مشتركا عن النقاط التي نختلف فيها مع ما ورد في الإعلان. فالمنتدى يضم طيفا متنوعا من الآراء التي تعكس مواقف تيارات مختلفة. كان هناك أشخاص لديهم مشكلة مع جملة "الإسلام دين الأغلبية" التي وردت في الإعلان. كما عبر أشخاص آخرون عن امتعاضهم من عدم ورود المشكلتين الفلسطينية والعراقية في الإعلان. لذا فضل المنتدى ألا يصدر بيانا عن الخلافات الموجودة. من هنا أعتقد أنه كان من الأحسن لإعلان دمشق إن يبقى في العموميات.

هل لدى منتدى الأتاسي علاقات بمنظمات المجتمع المدني في الخارج؟

الأتاسي: هنا أيضا يوجد إشكال لأن هذه العلاقات تتم بصيغة فردية. حتى الآن لم تبلور المعارضة شكل التعامل مع الخارج. توجد أيضا خلافات حول موضوعي الداخل والخارج؛ حول الشيء الذي دائما يتحدث عنه رياض الترك بأنه ليس هناك خارج واحد وأن علينا أن نتخلص من عقدة أميركا، وماذا تعمل أميركا، وبالتالي نحن ضد أي علاقة مع الخارج. أنا أرى، وعلى أرضية الثقة بالنفس، أن علينا أن نتعامل مع هذا الخارج.

أنا أعتبر الديموقراطية والحرية مبادئ إنسانية عامة، هي ليست ملكا لأميركا أو لأوروبا، هي عبارة عن مبادئ من المفروض أن تعم كل العالم. يجب أن يكون هناك تعاون بيننا كمنظمات مجتمع مدني حتى نرى كيف نحقق هذه الأهداف.

وأيضا في الخارج هناك مساحة أوسع من هنا، فمن الضروري أن يكون هناك تبادل للخبرات، لوجهات النظر، لأن المعارضة حتى الآن لم تبلور كيف يكون شكل التعاون مع الخارج، فهذه الصلات غالبا ما تكون فردية. بعض الشخصيات السورية تسافر وتحضر لقاءات أو ندوات وتتهم بالعمالة أحيانا. نحن نرى العكس، إذ يجب ان نكون واثقين من أنفسنا وان تكون علاقتنا بالخارج ندية وألا نناقش الغرب من خلال عقد نقص أو دونية.

أجرت الحوار لاريسا بندر
حقوق الطبع قنطرة 2006

الديمقراطية العربية المنتظرة لم تولد بعد
المفكر برهان غليون مدير مركز دراسات الشرق المعاصر وأستاذ علم الاجتماع في جامعة السوربون في باريس، يتحدث لقنطرة عن الإصلاحات السياسية، والتطورات الديمقراطية في العالم العربي،ومستقبل الإصلاحات والديمقراطية في سوريا.

"عقد صفقة والحفاظ على النظام الحاكم"
العفو الذي أصدره الرئيس السوري بشار الأسد عن بعض المعتقلين السياسيين بمناسبة حلول عيد الفطر، هل هي مبادرة لكسب الوقت في وقت يبدو أن الديبلوماسية السورية وصلت إلى طريق مسدود؟ حوار مع نديم شحادة.

الحركات الاحتجاجية الجديدة وإعادة اكتشاف السياسة
حركات معارضة جديدة مثل كفاية المصرية وكفى الفلسطينية وارحلوا اليمنية وغيرها شديدة الشبه بالحالة الأوروبية الاحتجاجية في أخريات القرن الماضي، على الرغم من الاختلافات الجوهرية بين أنماط نظم الحكم ومستويات النمو المجتمعي. تحليل عمرو حمزاوي

www

منتدى جمال الأتاسي للحوار الديموقراطي