حقوق الإنسان في خطر

أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرها السنوي. وتنتقد المنظمة هذه السنة الآثار السلبية لقوانين مكافحة الإرهاب في الكثير من دول العالم التي صيغت بعد اعتداءات الحادي عشر من سيتمبر/أيلول.

حقوق الإنسان في خطر

جُبلت التقارير السنوية وفي مجالات عدة على أخذ صبغة القولبة وتنغم الالزام الروتيني، وخاصة إذا ما تم إلقاؤها من لدن من جُبلوا على التكنوقراطية أو البيروقراطية المتخشبة العقيمة. لكن منظمة العفو الدولية تقوم في هذه الحالة استثناءً يُذكر فيُشكر. فحقوق الإنسان موضوع لا يُبلى مهما تم تداوله وتعاقب طرحه، مشحون بالعواطف الآني في خضم السياسة المتلاطم دوماً.

والتقرير السنوي الذي تطرحه المنظمة المذكورة لا يحظى بالتأييد المطلق في الدول الديمقراطية أو السلطوية أو الديكتاتورية يجد الخطوة عند قلة يسيرة من الناس، وإنْ إطلع عليه لفيف أكبر في كل مناطق الدنيا. والتقرير السياسي الذي تطرحه منظمة العفو الدولي لا يُجسّد حزمة من الأوراق تحمل بيانات وإحصاءات بقدر ما يقوم توثيق موضحاً للآنيات الأخلاقية لوضع العالم في بحر سنة بعينها، وهو توثيق في المدى الزمني الذي يمسحه التقرير لقيم حقوق الإنسان والتصرفات والسلوك المنتهجة إزاء هذا المجال بوعي وإدراك من المجموعة الدولية مجسدة في ذات الأمم المتحدة باعتبارها الآلية المثلى التي أقرت هذه النواميس ولأول مرة عام 1948، وتتبدل الأحوال لتتعلق الحكومات ومراجع الأمر والنهي، بحجة الخوف من الإرهاب الدولي، تحديد الحريات والتضييق على مسالك حقوق الإنسان لصيانة هذا الأمن والحفاظ عليه.

حَفَظَةُ الأمن المتزمتون يسوقون حقوق الإنسان اليوم من نيويورك إلى ليما، فالدار البيضاء، فالرياض وموسكو وغيرها، يسوقونها كماليات لا تصلح إلاّ لأزمنة يعم فيها الترف والبذخ الاجتماعيين.

هل أصبحت حقوق الإنسان من باب الكماليات التي لا تلزمنا ونحن نقف في وجه الإرهاب والتطرف والعنف المتزايد؟ وهل يبلغ التعنت والتخشب بحفظة الأمن أمام التحديات المطروحة إلى ضرب عرض الحائط بحقوق الإنسان، بعد نصف قرن من المكابدة والكفاح لتستقيم هذه الحقوق وتصبح فيما لا يقوى المجتمع المدني بدونها على العيش؟ لا يزال التعذيب بشتى وجوهه البشعة قائماً في أكثر من مئة دولة، وحكم الإعدام آلية للردع والمقاضاة في ستين دولة، منها الولايات المتحدة الأمريكية والصين، والإغتيالات المقننة عُرف شبه رسمي في اثنتين وأربعين دولة. فهل هي بداية نهاية حقوق الإنسان؟

تعليق بقلم هاينريش برغشتريسر، دويتشه فيلله، 28.5.2003
ترجمة: المهدي العوني

بإمكانكم الاطلاع على التقرير السنوي على الرابطة التالية:
http://www.amnesty-arabic.org/text/reports/mde/mde-2003.htm