مبادرة ألمانية إقليمية

قامت "الهيئة الإقليمية لحماية الدستور" في ولاية بادن فرتمرغ بتكوين "مجموعة متخصصة في شؤون الحركة الإسلامية" لضبط الأفراد والجماعات الإسلامية الناشطة والضرب على أيديهم لإيقاف نشاطهم. ألتقى بيتر فيليب برئيس المجموعة هربرت لاندولين موللر.

من السهل على هربرت لاندولين موللر تحديد الهدف من مهمته وهو حماية الدستور وحماية الألمان من الإرهاب الإسلامي وحماية المسلمين من إخوانهم المتطرفين في الدين، ويعبر عن ذلك بقوله:

"إننا نضع الدستور في عين الإعتبار، ويمكننا أن نقول بكل صراحة، إذا أراد المسلمون الذين يعيشون بيننا أن يتمتعوا بكل الحريات والإمكانيات التي يكفلها الدستور - بما في ذلك حرية ممارسة الأديان – فإن من واجبنا أيضا أن نحمي هؤلاء المسلمين من إغواء المتطرفين من الحركات الإسلامية الناشطة. إن حماية كل مواطن – بغض النظر عن عقيدته أو أصله – تعتبر من الأشياء البديهية.

يعيش ما يناهز الثلاثة ملايين مسلم في ألمانيا، وغالبيتهم على استقامة. كم يبلغ عدد المتطرفين منهم، وما حجم الخطر الذي قد يشكلونه؟

"إن هيئة حماية الدستور تقول بأن الواقعين من الإسلاميين الناشطين تحت رقابتها أقلية تبلغ حوالي واحد بالمائة. ويجب التأكيد على أن صورة الإسلام في ألمانيا وأوروبا مصبوغة للأسف بالاتجاهات المتشددة جدا والمتطرفة، أي الإتجاهات الإسلامية الناشطة، مما قد يكون هذا خطرا أو تهديدا أو على الأصح تحديا للمجتمع الألماني في حد ذاته فيما يخص مسألة الإندماج وفهم القانون وتكييف مفاهيم الشريعة في مجتمع ديمقراطي حر. ولكن ظهر إلى جانب ذلك عنصر آخر لم نكن نعرفه قبل أحداث لندن...".

هذا "العنصر الآخر"كان معروفا منذ التسعينيات، أي منذ أن بدأ الشباب الذي نشأ وتربى في أوروبا – مثل فرنسا – يقوم بأعمال إرهابية. وهذه مشكلة كبرى يجب أن تحظى بالتركيز، لأن دوافع هؤلاء الناس تغيرت وتحولت مع مرور الوقت.

ف "في العشرين عاما المنصرمة، كانت جُل اهتمام هذه المجموعات منصب على مشاكل أوطانهم. ومن الممكن أن نثبت أن الحركات السياسية الإسلامية ارتضت أن يبقى عدد كبير من أنصارها هنا في أوروبا. وهؤلاء يبحثون - حسب ما تقتضيه الظروف هنا - عن إمكانيات لتأسيس حياتهم بطريقة تجعلهم لا يضطرون لقبول القانون المعمول به هنا. هذا ما نراه نحن".

وكان ارتداء الحجاب أيضا أحد الموضوعات التي كثر الجدل حولها في ألمانيا، كما كان هناك جدل أيضا حول التسامح وعدم السخرية بالخالق. وهنا اتخذ السيد موللر موقفا حازما وقال: "على المسلمين الذين يعيشون في مجتمع غربي ديمقراطي أن يتقبلوا وجود حريات وعليهم أن يتقبلوها، كما في المجالات الفنية على سبيل المثال."

وفي نفس الوقت هناك حرية في ارتداء الحجاب، ولكن ليس من الضروري أن يكون أثناء العمل الحكومي. ويرى أن الجدل حول ذلك أخذ للأسف من الجانبين طابعا سياسيا قويا وتشبثت كل جبهة برأيها. ويعبر عن ذلك بقوله: "إن ربط ذلك بإسلام سياسي – الذي ينشر صورة صلبة متحجرة عن طرق الحكم في الغرب ونمط الحياة الغربية، وهذه الصورة مرتبطة بالإذلال، سواء كان حقيقيا أو وهميا - يمكن أن يؤدي إلى مزيج خطير".

وعندما تستغل مثل هذه المشاعر من قبل الأيدلوجيين والخطباء الراديكاليين فسيكون ذلك من الخطورة الجسيمة بمكان. والسيد موللر من أنصار نظرية "الإسلام الأوروبي" ولكنه يقف تجاه صاحب هذه الفكرة، طارق رمضان، موقف المنتظر المتشكك، ويقول: إن حفيد حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين لم يبرهن بالقدر الكافي على قناعته بهذ النوع الأوروبي المتسامح من الإسلام.

إن "المجموعة المتخصصة في شؤون الحركة الإسلامية" ومقرها في مدينة شتوتغارت تتكون من مستشرقين وباحثين في شؤون الإسلام ورجال قانون ورجال بوليس. وهي ليست فرقة من الجنود كما هو المفهوم الطبيعي عن المخابرات.

ومطالب وزير الداخلية في ولاية بافاريا بيكشتاين بالرقابة الشاملة على كل المؤسسات الإسلامية لا تحظى بقبول كبير لدى السيد موللر، ويعبر عن ذلك بقوله: "إنني أسعى إلى معالجة الموضوع برفق وتحفظ. أنريد رقابة كلية لكل مسجد؟".

والصورة التي كانت مرسومة في أذهان الجمهور منذ مدة طويلة أصبحت لا تنطبق على المجرمين، خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر / أيلول: "إن المتطرفين الذين يمارسون أعمال العنف ما هم إلا أناس يرصدون بأنفسهم حركات السلطات بدقة ويحللونها ومن ثم يكون رد فعلهم المناسب. وهذا يعني أن أماكن ظهورهم ليست هي التي يفترضها المرء في الصحافة، وإلا فسوف يكون هذا – من وجهة نظري – تصورا ساذجا. إن البيئة معقدة للغاية، وقد تبين مع مرور الوقت أننا لسنا بصدد طلاب فقط ولكننا بصدد أناس تم تجنيدهم من جميع الطبقات الإجتماعية والوظيفية، ولا يمكن تصنيفهم بدقة".

إن هذا النوع من المتطرفين لا يتواجد فقط في المدن كثيرة الكثافة السكانية. وهذ ما يجعل مراقبتهم صعبة بعض الشيء، علاوة على وجود قيود قانونية في مثل هذه الإجراءات: فإذا وجدت شبهة قوية جداً ودلّت عليها القرائن، فيحق لنا استخدام كل ما وجد من وسائل للرقابة بدءا من مراقبة الأشخاص والتنصت على المكالمات الهاتفية حتى مراقبة البريد، ولكن هناك حدود واضحة والمسلمون لا يقعون تحت طائلة الاتهام العام:

"إن لدينا لوائح قانونية. ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نتوهم بأن كل رجل أطلق لحيته أو امرأة تلبس الحجاب أحد الإسلاميين الناشطين".

بيتر فيليب
ترجمة عبد اللطيف شعيب
حقوق طبع النسخة العربية قنطرة 2005