أوربا تغيرت بعد 11 مارس/آذار

عاشت إسبانيا وأوربا قبل سنة صدمة عنيفة: لاقى أكثر من مائة وتسعين شخصا حتفهم وجرح أكثر من ألف وخمسمائة شخص بعد انفجار قنابل في اربعة قطارات كانت تقل عمالا وموظفين وطلبة من الضواحي الى مدريد. تعليق كلاوس دامان

أسبانيا تتذكر ضحايا الاعتداء، شموع في محطة أتوشا، الصورة: أ ب
أسبانيا تتذكر ضحايا الاعتداء، شموع في محطة أتوشا

​​

وضعت الاعتداءات الدامية التي عاشتها العاصمة الاسبانية مدريد في الحادي عشر من مارس/آذار في العام الماضي النقاط على الحروف، وأقنعت الجميع حتى أشد المناهضين والمنتقدين للرئيس الامريكي بوش بأن تنظيم القاعدة لا يشكل خطرا على الولايات المتحدة المتحدة فقط بل يهدد كذلك كيان الانظمة الديمقراطية في أوروبا.

ولا يتناقض هذا الاقتناع مع الاقتناع بضرورة نقد ورفض ومعارضة التدخلات العسكرية التي لا تتم بناءا على قاعدة تفويض دولي مثل ما وقع في العراق أو تعدي وانتهاك واضح لحقوق الانسان مثل ما يتم ذلك في قاعدة غوانتامو.

ورغم ذلك لازل البعض وخاصة في الدول الأوربية يتهمون بوش بالمراوغة والتضليل ويعتبرون الحرب التي أعلنها على الإرهاب تضليلا وذريعة يعتمد عليها بوش لنشر ولدعم سيطرة الولايات المتحدة في العالم ولفرض تحكمها في منابع النفط لضمان الاحتياجات الأمريكية.

غير أن الاخطار التي تشكلها القاعدة بقيادة اسامة بن لادن تجاوزت اطار التوقعات والتخمينات وأصبحت حقيقة. فتواجد خلايا الإرهاب التابعة للقاعدة لم يبدأ في أوربا قبيل اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 في اطار تأهب للاعتداء على الولايات المتحدة. بل كان تواجد هذه الخلايا الارهابية في أوربا قائما قبل كارثتي نيويورك وواشنطن.

ويتجلى هذا التواجد من خلال محاولة إرهابيين القيام باعتداء في أسواق عيد مولد الميلاد في ستراسبورغ.

لذلك يتحتم على المعارضين لسباق مكافحة الارهاب التي يتبعها بوش أن يقدموا سياسة بديلة تضمن الانتصار على الارهاب الذي تقوده القاعدة والمنظمات الارهابية الأخرى. وفي الحقيقة لم تقدم الدول الأوربية الكثير في هذا المجال للوصول الى هذا الحل البديل المنشود.

فبعد احداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 صرحت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوربي بأنها ستعمل على دعم وتحسين أمور التعاون بينها، رغم ذلك لم تتمكن دول الاتحاد حتى اليوم من تنسيق نشاطاتها على المستوى الأمني في اطار أوربول أو على المستوى القضائي في أطار Eurojust أو على مستوى تبادل المعلومات على المستوى الاستخبارتي.

رغم ذلك تم إدخال تغييرات هامة في أوربا. وتجلت هذه التغييرات من ناحية من خلال انخفاض عدد المجموعات التي كانت تعارض على توسيع الصلاحيات التي تتمتع بها ادارات الاتحاد الاوربي في بركسل وذلك على حساب السلطات والوطن ومن ناحية أخرى من خلال انخفاض حدة الخلافات التي كانت قائمة بين المجموعات المساندة والمتحالفة مع الولايات المتحدة والمجموعات المعارضة لحرب العراق.

بقلم كلاوس دامان
© DEUTSCHE WELLE/DW-WORLD.DE 2005
ترجمة عبد الله منصف