طرق جديدة للحوار والتعاون

مؤسسة هينرش بول والأكاديمية الإسلامية تنظم ندوات تنادي بالمساواة والإحترام والتسامح في مجتمع المهاجرين. تمحور اللقاء الأول في برلين حول تقبل المنظمات الإسلامية في ألمانيا. تقرير لينارت ليمان

يوم المسجد المفتوح في غيلزنكيرشن 2004، الصورة: أ ب
يوم المسجد المفتوح في غيلزنكيرشن

​​

منذ سنين والمسلمون في ألمانيا ينادون بأن تهتم الدولة بمطالب إخوانهم في الدين، ومن جانبها تكرر الدولة رغبتها في وجود هيئات جادة تمثل المسلمين في ألمانيا. ويرى المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا أنه أولى بهذه المكانة. والمشكلة هنا أن الجهات الحكومية الألمانية لا تستطيع أن تتكيف مع هذا المجلس الذي أسس عام 1994، لأن هذه المنظمة لم تعترف – حسب أقوال النقاد - حتى الآن إعترافا صريحا بالدستور الألماني ولا تمثل سوى حوالي واحد بالمائة من المسلمين في ألمانيا البالغ عددهم 3,2 مليون.

ولقد خطى المجلس الأعلى للمسلمين خطوة في هذه المسألة منذ عامين حينما أعلن "الميثاق الإسلامي"، والتي أراد به أن يأخذ مكانة في الدولة وفي المجتمع. ويقول أيمن مزيك المستشار الإعلامي أن "الميثاق يعتبر إسهاما للحوار البناء مع المسلمين وغير المسلمين بغض النظر عما إذا كنا نتحدث باسم الكثيرين أم لا".

حقوق الإنسان

وقد كان هذا الميثاق محل نقد، وكان أيضا محل شك وارتياب في الندوة التي أقيمت في برلين. ففي الفقرة العاشرة من الميثاق الإسلامي نقرأ على سبيل المثال: "تحتم الشريعة الإسلامية على المسلمين الأقلية أن يلتزموا بالقانون المحلي في ألمانيا". وهنا يتساءل رالف فوكس، رئيس جمعية هاينرش بول:

"هل يشعر المسلمون في ألمانيا بأنهم غرباء؟ و"ماهي تطلعات المسلمين؟"، ويواصل في انتقاده للمجلس بأنه لم يعترف حتى الآن صراحة بحقوق الإنسان ويشك في شموليتها لأن الميثاق يعتبر تلك الحقوق "غربية" وأن "النقاط الأساسية لحقوق الإنسان" هي التي تتفق فقط مع تعاليم الإسلام.

إن المجلس الأعلى للمسلمين مازال يتعثر في اتخاذ موقف واضح تجاه حق الطلاق والزواج بين الشواذ والردة. ولكن عندما يتعلق الأمر بالمسائل التي تخص الأقليات في هذا المجتمع فلا بد للمرء أن يتوقع إجابة صريحة خاصة من جمعية تريد أن تدخل نفسها في شؤون السياسة، ذلك لأن المجلس يهدف في ميثاقه الإسلامي إلى مطالب تهم المجتمع كله منها:

"تدريس الدين الإسلامي باللغة الألمانية، واحترام قواعد اللباس الإسلامي في المدارس والهيئات الحكومية، ومشاركة المسلمين في الإشراف على الهيئات الإعلامية، وجعل العيدين الإسلاميين عطلة رسمية من قبل الدولة".

نظرات الشك والريبة

والمشكلة تكمن في أن المجلس يريد بقدر الإمكان أن يكون ممثلا للكثير من المسلمين، ومن بينهم على وجه الخصوص أولئك المحافظين والمتدينين والناشطين الذين يقدر عددهم - حسب أقوال لودفيغ آمان عالم الدراسات الإسلامية في فرايبورغ - بثلث المسلمين المقيمين في ألمانيا. ولكن هذا الثلث أصبح ينظر إليه بارتياب وشك من قبل الحكومة وغالبية المجتمع منذ أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001.

وتشير ماري لويزة بك - المكلفة من قبل الحكومة الإتحادية بشؤون إندماج الأجانب في المجتمع الألماني – أيضا إلى أن خطب الجمعة مازالت في الكثير من المساجد تنادي بالعداء ضد السامية، ومازالت تجمع التبرعات للمنظمات الإرهابية في فلسطين. ومع ذلك نجد نديم إلياس رئيس المجلس يرى أن رجم الزانيات المحصنات موضوعا "قابلا للنقاش".

تعليقات إضافية

وللوصول إلى"صيغة مرضية" قام مجلس شورى همبورغ، وهو اتحاد يجمع أربعين جمعية إسلامية في همبورغ، في أبريل/نيسان من هذا العام بتقديم مسودة إضافية، وهي عبارة – على حد قول مصطفي يولداش، رئيس مجلس الشورى والعضو في جماعة مللي غوريش - عن شروح وتعليقات خاصة بالميثاق الإسلامي فيما يتعلق بالمسائل التى لم تعالج بصراحة مثل الفرق بين حقوق الرجل والمرأة، واستعمال القوة كوسيلة سياسية، وحرية الإعتقاد الديني.

ولقد حازت هذه المسودة على إعجاب النقاد، إلا أن يولداش يشتكي من قلة وجود صدى لها ويقول:

"يوجد في وسائل الإعلام مقاطعة لكل ما يأتي به المسلمون من حلول إيجابية". ويرد يولداش على الإتهامات التي تقول بأنه هو ومجلس الشورى ليسوا أهلا للثقة، وأنه وكثير من أعضاء مجلس الشورى مراقبون من قبل هيئة حماية الدستور.

ما هي لب المشكلة؟

ويتسائل المرء عن سبب كل هذه الضوضاء، ولماذا يتعثر الحوار بين الحكومة وغالبية الشعب من جهة والمسلمين من جهة أخرى؟ هل الأمر يتعلق فعلا بحجاب المرأة، أم بمكبرات الصوت في المساجد، أم بتدريس السباحة للمسلمات؟

أيمن مزيك يعني بعبارته السابقة أنه يبذل ما في وسعه من أجل "دين واضح للجميع"، وهذا ما يتعارض مع التقاليد الأوروبية الحديثة التي تقول بأن الدين شيء خاص ولا يجب أن يظهر بين جمهور الناس. وهذا بالضبط مايسبب قلقا بين ممثلي الشعب عندما نطالب بأن يكون بين موظفي الحكومة مسلمين أو بين أولئك الذين يظهرون في الوسط الإعلامي.

ومن ناحية أخرى نجد أن المسلمين في ألمانيا يواجهون صعوبات فيما بينهم بشأن الإتفاق على رؤية موحدة للحياة في جمهورية ألمانيا الإتحادية. وإذا قارنا بينهم وبين الكثير من المهاجرين في الولايات المتحدة الأمريكية فإنهم يرون أنفسهم في الغالب ضحية هذا المجتمع أو ما يشبه ذلك.

ويرى يولداش أن هذا موقف مريب يحتاج إلى تدقيق. ويعترف - وهو يشير بالسبابة إلى غالبية الشعب - بأن المسلمين في ألمانيا لا يقومون بالقدر الكافي من العمل الإعلامي. ويدعو مزيك كل المسلمين للمزيد من الحوار فيما بينهم ويقول: "إن غياب أسلوب الحوار بسبب القومية لا يعتبر عذرا".

بقلم لينارت ليمان، حقوق الطبع قنطرة 2004
ترجمة عبد الططيف شعيب