الشريعة وحقوق النساء

أَعلن البرلمان الأوروبي عن أسماء الفائزين بجائزة زاخاروف لحرية الرأي لهذا العام، وكان من بينهم المحامية النيجيرية حواء إبراهيم، التي اشتهرت بدفاعها عن الكثير من النساء أَمام محاكم شرعية إسلامية في شمال نيجيريا. توماس موش يعرِّفنا بها.

حواء إبراهيم، الصورة: الجامعة الأمريكية
"إتّهمونا بأَنّنا ضد الشريعة أو حتى ضد الإسلام وأَنّنا خارجون على أصول ثقافتنا. حتى أَنّهم قذفونا بالتهم وشككوا بسلوكنا"،

​​أَعلن البرلمان الأوروبي في الـ26 من شهر تشرين الأَول/أكتوبر عن أسماء الفائزين بجائزة زاخاروف لحرية الرأي لهذا العام. وكان من بينهم المحامية النيجيرية حواء إبراهيم، التي اشتهرت بدفاعها عن الكثير من النساء أَمام محاكم شرعية إسلامية في شمال نيجيريا. توماس موش يعرِّفنا بها.

"إتّهمونا بأَنّنا ضد الشريعة أو حتى ضد الإسلام وأَنّنا خارجون على أصول ثقافتنا. حتى أَنّهم قذفونا بالتهم وشككوا بسلوكنا"، عندما تتذكر حواء إبراهيم بداية عملها في محاكم الجزاء الإسلامية في شمال نيجيريا، فإنّها تتعجّب قليلاً من شجاعتها في تحدي عالم الرجال في وطنها.

إذ إنّ ما فعلته كان في الحقيقة بمثابة شيء خارق: حيث طلبت من القضاة المسلمين أَنْ يعيدوا النظر أيضًا في حقوق النساء المتهمات. وقد استخدمت حقها - كونها امرأة مسلمة - في المرافعة كمحامية أمام محكمة شرعية.

القضاء من اختصاص الرجال فقط!

ففي مرافعتها القضائية الأولى عام 1999 أَصر القضاة على أَنّ المرافعة أَمام محكمة لا تجوز إلاّ للرجال فقط، على الرغم من أَنّ حواء إبراهيم أَكثر خبرة من بين المحامين.

"كان لا بدّ لي من أَنْ أتعلّم، أَنّنا كنا ننطلق من خلفيات مختلفة وأَنّه لا يمكن بهذه السرعة لامرأة أَنْ تترافع أَمام محكمة شرعية وتعرض الأَدلة. لقد تحتّم علي أَنْ أَدس قصاصات ورق لزملائي الشباب، أخبرهم بها كيف يتحدثون بعقلنا نحن النساء"، تقول المحامية حواء إبراهيم، وهي أمّ لطفلين ويبلغ عمرها 38 عامًا:

"إنّ الخروج عن هذا الاتجاه لتحدٍ عظيم. وعلى كل حال أَصبح النقاش فيما بين يطال موضوع منح النساء أَيضًا الحق في الترافع أَمام المحاكم تمامًا كالرجال".

الاتهام بالزنا

ومنذ أَنْ بدأ ما مجموعه 12 إقليمًا في شمال نيجيريا في عام 1999 في استخدام الشريعة الإسلامية كقانون في القضايا الجزائية، تولّت المحامية حواء إبراهيم الدفاع عن عشرات المتهمين والمتهمات. لقد ذاع صيت موكلتيها السيدة صفية حسيني وأمينة لاول، اللتين حكم عليهما بالإعدام رجمًا بسبب اتهامهما بالزنا. وفي كلا القضيتين استطاعت المحامية حواء إبراهيم ومعاونوها استصدار حكم بالبراءة من محاكم عليا.

بيد أَنّ المحامية حواء إبراهيم لا تستطيع كسب الكثير من المال من عملها هذا. فعادة ما يكون المتهمين والمتهمات فقراء، بيد أَنّها تتلقى الدعم فقط من بعض المنظمات غير الحكومية النيجيرية والعالمية.

وحواء إبراهيم تبين دوافع عملها من خلال قصّتها: إذ أَنّها نشأت في أسرة فقيرة في قرية صغيرة في شمال نيجيريا. ولم يتسن لها - على حد قولها- الدخول إلى الجامعة ومواصلة التعليم إلاّ من باب الصدفة. وبعدما لم تحصل على موكلين في إقليم باوشي،حيث بدأت العمل كمحامية، استجابت عن طيب خاطر لنداء الاستغاثة، الذي وجهته لها منظمة نسائية نيجيرية.

"وجدت فرصتي لكي أعيد شيئًا مما منحني إيّاه المجتمع. لقد مكنني المجتمع من التعليم. لم أفكّر في البداية، أَنّني كنت أَفعل شيئًا خاصًا. كنت أريد استخدام مقدرتي كمحامية لخير الإنسانية".

من أَجل نظام قضائي ملزم وموحّد

وحواء إبراهيم مقتنعة في أَنّه لا بدّ لنيجيريا من أَنْ تجد طريقًا للتوفيق ما بين الشريعة الإسلامية والحياة. وعلى حد قولها تسرَّع النيجيريون في العمل بقانون الجزاء الشرعي. ولم يفكّر أحد كيف يمكن أَنْ يسير ذلك في مجتمع حديث. لهذا السبب فإنّ حواء إبراهيم معنية الآن وقبل كل شيء بسؤال، مفاده ما هي العلاقة القائمة ما بين الإسلام والدولة.

"ينبغي بنا أَنْ لا نخلط ما بين السياسة والثقافة والدين. يجب علينا أَنْ نبحث على مستوًى عالمي عن أَمثلة يُحتذى بها، على سبيل المثال إندونيسيا وبلدان أخرى. فهذا جدير بأَنْ يمنحنا أَفكارًا من أَجل المستقبل. ولا بدّ لنا من حسن التعايش والجوار. وإذا ما قمنا بالخلط ما بين السياسة والدين، فسيؤدي ذلك إلى فوضى".

ولدى حواء إبراهيم وقت كاف حتى شهر أيار/مايو من العام المقبل بمعالجة مثل هذه المسائل الأَساسية، ضمن منحة دراسية في الولايات المتحدة الأَمريكية. فهي تريد العودة بعد ذلك إلى نيجيريا ومواصلة الكفاح من أَجل دولة القانون وضد التطرف الديني.

بقلم توماس موش
ترجمة رائد الباش
حقوق الطبع دويتشه فيلله 2005
حقوق طبع النسخة العربية قنطرة 2005

قنطرة

مناقشة
هل تجسد الشريعة الظلم ونفي الحريات الإنسانية، أم أنها تحمي حقوق الإنسان من الاستبداد الشمولي والرأسمالية المتطرفة؟ هذا هو موضوع السجال التالي بين الباحثة في العلوم السياسية هبة رؤوف عزت وخبير حقوق الإنسان عمران قريشي.

www

جائزة زاخاروف (باللغة الإنكليزية)