تضامن نسوي لمكافحة جرائم ذكورية

وقعت أكثر من ألفي امرأة في بنغلادش في السنوات الماضية ضحية لاعتداءات بالمواد الحمضية الحارقة. وتكافح منيرة رحمان من أجل ملاحقة المجرمين ومعاقبتهم. ولعملها الدؤوب منحتها منظمة العفو الدولية جائزة حقوق الانسان. تقرير آنّا ليمان.

منيرة رحمان، الصورة: دويتشه فيله

​​وقعت أكثر من ألفي امرأة شابة في بنغلادش في السنوات الماضية ضحية لاعتداءات بالمواد الحمضية الحارقة. وتكافح منيرة رحمان، مديرة "منظمة الناجين من الاعتداء بالأحماض الحارقة" من أجل ملاحقة المجرمين ومعاقبتهم. لعملها الدؤوب ضد هذا النوع من انتهاكات حقوق الانسان منحت منظمة العفو الدولية منيرة رحمان جائزة حقوق الانسان. تقرير آنّا ليمان.

درست منيرة رحمان الفلسفة وكانت تعمل في برنامج لحماية المشردين عندما رأت لأول مرة فتاةً مشوهة من جراء الاعتداء عليها بالمواد الحمضية الحارقة. هذا اللقاء غيّر مجرى حياتها:

"لقد صُدمت عندما صادفت عام 1997 ناجيتان من اعتداءات بالمواد الحمضية، ولكن اصابني الذهول عندما تكلمت معهن لقوتهما وثقتهما بنفسيهما. كان لديهن نظرة شاملة لموضوع العنف ضد النساء والخطوات الواجب اتخاذها في هذا المجال. حينها قررت العمل معهن ولاجلهن والتعرف عليهن عن قرب".

التعريف بآلام النساء

عندما أسس الدكتور البريطاني جون موريسون "منظمة الناجين من الاعتداء بالاحماض الحارقة" في العاصمة داكا، كانت منيرة رحمان أول العاملين معه، وتولت بعد فترة بسيطة مهام الادارة. وقد سجلت المنظمة حتى الآن أكثر من ألفي ضحية. وتعتقد منيرة أن العدد الحقيقي أكبر بكثير. وهي تسعى لتعريف الناس بآلام هذه النساء، مثلا قصة فتاة قروية تدعى ليليما:

"كانت لا تتعدى الثامنة من عمرها عندما زُوجت لرجل في الخامسة والاربعين من العمر. لم يكن باستطاعتها اشباع رغباته جسدياً وجنسياً، فأضحى يضربها ويعتدي عليها. أما عائلة زوجها فكانت تجبرها على القيام بالاعمال المنزلية. لذا ذهبت في العاشرة من العمر الى بيت والديها اللذين قررا الاحتفاظ بها وعدم اعادتها الى بيت زوجها.

وافق مجلس القرية على هذا القرار وأبلغ الزوج أنه لن يرى زوجته حتى تصل عمر البلوغ، مما أغضب الزوج. فما كان منه الا ان صب عليها الحمض الحارق ليشوه جمالها".

إنقاذ الشرف

تقتصر ضحايا الاعتداءات بالاحماض الحارقة تقريباً على النساء، وغالباً يكونن في ربيع العمر، في الثالثة عشر أو الرابعة عشر كحد أقصى. وتأتي نسبة 80% من تلك النساء من القرى والأرياف. وهن غالباً ما يتعرضن لهذا العنف لرفضهن مجاراة الرجل جنسياً أو رفضهن الزواج منه. اضافة الى مشكلة المهر الذي ليس بمقدور عائلة الزوجة سداده.

"عندما يعتقد الرجال أنهم أراقوا ماء وجههم أمام زوجاتهم، يشوهون وجههن لانقاذ شرفهم"، كما تقول منيرة رحمان، المدافقة عن حقوق الانسان.

يسعى الآن جيل جديد من النساءفي بنغلادش للاستقلالية من خلال العمل في قطاع صناعة النسيج والاستفادة من برامج الاقراض. وهذا يشكل استفذاذاً للرجل:

"فانه يصعب على الزوج أو أي من أفراد العائلة الذكور تقبل حرية الحركة هذه. ومن الواضح ان النساء تتعرض لهذا السبب لأعمال عنف بشتى الاشكال".

تقديم المساعدة

اهترأت جفون ليليما وتآكل أنفها من جراء الاعتداء بالحمض الحارق. وذابت شفتها السفلى والتصق ذقنها مع صدرها. أمضت هذه الفتاة عشر سنوات خلف جدران منزل عائلتها. الا انها عندما علمت ان منيرة رحمان قد أقامت عيادات طبية لاجراء عمليات من أموال التبرعات لتخفيف الآلام والجروح، سارعت لطلب المساعدة.

عمل الاطباء طوال سنة كاملة على اعادة ملامح وجهها نوعاً ما لتتمكن من التنفس وتناول الطعام بشكل أفضل. وتؤكد منيرة رحمان انه "لا يكفي اصلاح الوجه من خلال عمليات تجميل، بل يجب اعادة الثقة بالنفس لتلك النساء التي كن يتمتعن بها لحد كبير قبل تعرضهن للحادث. وهذا عمل شاق.

تتلقى الناجيات في مركز اعادة التأهيل التابع لمنظمة ضحايا اعتداء الاحماض الحارقة رعاية نفسية واجتماعية: "نحن نساند بعضنا بعضاً، نبكي سوية، ولكننا نرى ايضاً جوانب ايجابية"، تروي منيرة رحمان وتتابع قائلة:

"عندما نرى انه يتم ملاحقة المجرم الذي قام بهذا العمل ومقاضاته، هذا يعطينا القوة. عندما نرى ان فتاة ناجية تصبح ناشطة معنا، هذا يعطينا القوة أيضا".

بقلم آنّا ليمان
ترجمة منال عبد الحفيظ شريده
حقوق طبع النسخة العربية القنطرة 2006

قنطرة

صوت ينادي بالمساواة
تعد سلطانة كمال، المحامية البالغة من العمر خمسة وخمسون عاما، أشهر امرأة تدافع عن حقوق الإنسان في بنغلاديش، وتسعى إلى توجيه الأنظار إلى الاعتداءات بالحامض على النساء بشكل خاص

www

Acid Survivors Foundation (engl.)