تحذير من تفاقم الأزمة

أعداد هائلة من العمالة الآسيوية تعيش في دول الخليج، والكثير منها يعمل تحت ظروف صعبة. وهو وضع قد يكون مهدداً بالتفاقم. ما هي العبر التي يجب ان تتعلمها دول عربية من أحداث فرنسا؟ غوتس نوردبروخ يلخص وجهات نظر بعض المعلقين العرب.

إمرأة عربية تقرأ صحيفة، الصورة: أ ب

​​أعداد هائلة من العمالة الآسيوية تعيش في دول الخليج، والكثير منها يعمل تحت ظروف صعبة. وهو وضع لو استمر فسوف يكون مهدداً بالتفاقم. ما هي العبر والدروس التي يجب ان تتعلمها دول عربية من أحداث فرنسا؟ غوتس نوردبروخ يلخص وجهات نظر بعض المعلقين العرب.

"هل هي مشكلة مسلمين إرهابيين أم أنها مشكلة دولة عنصرية تعامل فقراءها بطريقة لا تختلف عن نظام الأبرتهايد في أفريقيا الجنوبية؟" فيصل القاسم مقدم برنامج على قناة الجزيرة معروف بأسئلته الاستفزازية. ويزيد اختيار الضيوف من شعبية البرنامج الذي استضاف عبد الرحمن دحمان، الأمين العام لحزب اتحاد الحركة الشعبية وهيثم مناع، الناطق باسم اللجنة العربية لحقوق الانسان.

كانت الحلقة بعنوان "أعمال الشغب بضواحي المدن الفرنسية". وقد تابع العالم العربي هذه الأحداث بكل اهتمام. واحتلت مشاكل التمييز العنصري والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية مكان الصدارة في ردود الفعل العربية على هذه الاضطرابات.

إن اليأس من الوضع الراهن الذي يعيشه الشباب الفرنسي المنحدر من أصول عربية أو أفريقية سبب كاف للتحذير من تفاقم الصراع. وقد ورد في مقال صدر في جريدة أكتوبر المصرية الأسبوعية تحذر فيه من تداعيات الأزمة:

"تذكرنا ثورة 2005 بالثورة الطلابية التي شهدتها فرنسا عام 1968 والتي مثلت بداية نهاية عصر الجنرال ديغول. إلا أن هذه المرة يقوم بها المهاجرون وقد تتحول من العنف الفوضوي إلى العنف السياسي المنظم."

إلى جانب الميول العنصرية والتمييز العنصري الذي يعيشه المجتمع الفرنسي المتعدد الثقافات وجهت جهات أخرى لوماً شديد اللهجة إلى المؤسسات الإسلامية. وقد كتب العديد من المعلقين ان العزلة عن المجتمع الفرنسي التي كانت تشجعها اتحادات اسلامية مثل اتحاد المنظمات الاسلامية في فرنسا قد ساهمت في تفاقم الأزمة.

فتاوي بدلاً من سلطة الدولة

أعطت الفتوى الصادرة عن اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا التي تدعو الشباب المسلمين الى ايقاف تمردهم اشارات خاطئة في هذه الخصوص، حسب رأي المعلقين.

وقد كتب أمير طاهري في صحيفة الشرق الأوسط: "فبدلاً من طاعة قوانين الجمهورية الفرنسية يتعين على المسلمين في فرنسا اتباع الفتاوي التي يختلقها الاخوان المسلمون. وقد ظهرت طائفة مختلفة من الوسطاء ومعظمهم أعضاء في جماعات اسلامية متطرفة على المستوى المحلي في أماكن كثيرة، وقدموا أنفسهم باعتبارهم بديلاً عن سلطة الدولة."

"انه من غير الواضح من جاء أولاً ولكن التطرف الإسلامي المسلح والهلع المسلح من الإسلام يشكلون توتراً قاتلاً يقود فرنسا الى متاهات الفوضى".

لم تتناول التقارير حول أحداث فرنسا الأوضاع القائمة هناك فحسب بل ايضاً تداعياتها على مناطق أخرى في أوروبا والعالم والدروس المستفادة منها. على ضوء الظلم الذي يشعر به أبناء المهاجرين في فرنسا كتب حسين شبكشي عن العبر والدروس التي يجب ان تتعلمها دول مجلس التعاون الخليجي من أحداث فرنسا.

يعيش في هذه الدول "أعداداً هائلة من العمالة الآسيوية، والكثير منها يعمل تحت ظروف صعبة. وهو وضع لو استمر فسوف يكون مهدداً بالتفاقم، وبالتالي من الممكن توقع أحداث شديدة الخطورة" كتلك التي تشهدها فرنسا حالياً، كما جاء في تعليقه في صحيفة الشرق الأوسط.

ثورة المهمشين

كما نوه برهان غليون في مقال له للجزيرة أون لاين عن الأبعاد الدولية ل "ثورة المهمشين". وقال انه نظراً للمشاكل الناجمة عن الهجرة المستمرة إلى البلاد الصناعية فان الحل لا يمكن أن يكون على المستوى الفرنسي وحسب، بل أن " تحقيق السلام والأمن الدوليين يتطلب القبول بمفاوضات عالمية جدية تشارك فيها جميع الشعوب في سبيل بلورة حلول متسقة ومتفاهم عليها لجميع المشاكل الدولية"، تابع غليون.

في هذا السياق فإن تاريخ القوى الاستعمارية كان حاضراً في أذهان المحللين العرب أكثر من ذي قبل. إضافة إلى العبارات الاستفزازية لوزير الداخلية الفرنسي نيكولا ساركوزي عن الشباب المساهم في الاضطرابات وخصوصاً اعادة العمل بقانون الطوارئ الذي صيغ في المرحلة المبكرة لحرب الجزائر.

تقدير فرنسي للجالية المسلمة؟

وكتبت نهلة الشهال لجريدة الحياة، "فمن المدهش حقاً أن الحكومة الفرنسية بدأت تعاطيها مع الأزمة باستقبال إمام مسجد باريس، معربة بذلك عن "تقديرها للجالية المسلمة"، من دون أن تتساءل عن قدرة هذه الخطوة على التأثير وعن قيمتها الرمزية والتي قد تنطوي على نتائج عكسية، لتنتهي بإعلان الطوارئ على طول البلاد، نابشة قانوناً سن خصيصاً لمواجهة حرب التحرير الوطنية الجزائرية.

واستخدم هذا القانون لممارسة القتل في الجزائر ثم اشتهر بسبب ذلك اليوم الأسود في تشرين الأول/أكتوبر 1961، حيث قمعت في حمام دم رهيب تظاهرات سلمية نزل فيها عشرات آلاف العمال والمهاجرين الجزائريين، عائلات بكاملها مع النساء والأطفال، لمساندة حق بلادهم في التحرر من الاستعمار." وقد لقي وقتها حوالي 200 جزائريا نحبه في باريس.

بقلم غوتس نوردبروخ
ترجمة منال عبد الحفيظ شريده
حقوق الطبع قنطرة 2005

قنطرة
نحن بحاجة إلى الدين!
كيف يمكن أن يحل الأمن الدائم بالضواحي الفرنسية التي انتشرت فيها المشاكل الإجتماعية والفقر والتمييز العنصري؟ الحكومة الفرنسية قررت التعاون مع جمعيات إسلامية.هل هذا هو الحل؟

هل ستجتاح موجة العنف ألمانيا أيضا؟
موجة العنف التي اجتاحت فرنسا أثارت في ألمانيا أسئلة مقلقة في خصوص إمكانية وقوع أعمال عنف أيضاً. وبعض الصحف الألمانية بدأت تتكهن بالفعل بوقوع حوادث مماثلة. تعليق بيتر فيليب.