هدفنا ليست النخبة الغنية

افتتحت في القاهرة بحضور المستشار الألماني شردور أول جامعة ألمانية في الخارج. التقت قنطرة بالدكتور أشرف منصور مؤسس الجامعة

"هدفنا ليست النخبة الغنية، بل الغني في عقله وفكره"
افتتحت في القاهرة أول جامعة ألمانية في الخارج. التقت قنطرة بالدكتور أشرف منصور مؤسس الجامعة ويدور الحوار حول المنهج المتبع في التدريس وأسباب تأخر الألمان في إنشاء جامعة على غرار الولايات المتحدة وفرنسا و كيفية الدراسة بالجامعة الألمانية.

هناك في المنطقة العربية منذ فترة طويلة جامعات أمريكية وفرنسية تتمتع بسمعة أكاديمية جيدة. ما هو سبب تأخر الألمان في تأسيس جامعات في العالم العربي تعتمد المنهج والنموذج الألمانيين في التدريس؟

مبنى الجامعة الالمانية في القاهرة

​​أشرف منصور: أعتقد أننا تأخرنا لمدة 83 عاما حيث أنشأت أول جامعة أمريكية في مصر في ذلك الوقت وكانت تعتبر أول جامعة أمريكية خارج الولايات المتحدة. وهذه الجامعة الألمانية تعتبر أول جامعة خارج ألمانيا على الإطلاق وذلك لأن المجتمع الألماني يعد مجتمعا منظما الى حد كبير وهو يأخذ الأمور خطوة بخطوة. ولكن العلاقة مع مصر بدأت منذ فترة طويلة حيث أن المدارس الألمانية تأسست هنا منذ 140 عاما و اتجه الالمان أيضا إلى التعليم الأكاديمي أي تعليم ما بعد الجامعة حيث تم تأسيس الهيئة الألمانية للتبادل العلمي منذ حوالى 42 عاما ويعتبر ثاني مكتب يفتح خارج ألمانيا بعد مكتب لندن. أما بخصوص موضوع إنشاء جامعة تكنولوجية وهذا هو الاتجاه الألماني فهذا القرار ليس قرارا سياسيا او رغبة طارئة بل هو التفكير في عمل منظمة تكنولوجية والذي يحتاج لدراسات طويلة جدا والألمان حاولوا ذلك عدة مرات حيث أنهم هم الذين أسسوا المركز القومي للبحوث وهم من أسسوا كلية الهندسة بجامعة حلوان التى كانت تعرف بالمعهد العالي للتكنولوجيا. فمحاولاتهم لم تنقطع، إلا أن فكرة إنشاء جامعة تكنولوجية تحتاج لدراسات ضخمة في عدة اتجاهات لأن الأمر ليس تشييد مبنى فحسب بل منهج يقوم عليه البناء ولابد من معرفة احتياجات المنهج وتجهيزاته و بناءا على هذه التجهيزات نضع المساحات التى يحتاجها ثم نقوم بعمل دراسة جدوى لتحديد مقدرتنا وطاقاتنا. وبناء على ذلك أعدت التكاليف. وبدأنا بهذا الموضوع عام 1994 ونستمر فيه الى الآن. وهذا مجرد بداية و لكي نصل الى الصورة المنشودة سيكون ذلك في 2015.

هل ستساهم الجامعة الألمانية في القاهرة في رفع مستوى الجامعات المصرية على المدى الطويل؟ أم ستكون جامعة لنخبة فقط ؟

منصور: هدفنا ليست النخبة الغنية، بل الغني في عقله وفكره ولهذا نعطى منحا فريدة من نوعها في العالم. حيث اننا نعطي ضمانات اجتماعية مع المنح ليشعر الطالب بالراحة طوال سنوات الدراسة وليس في السنة الاولى فقط . أما عن الجزء الاول من سؤالك فأرى اننا شركاء و لسنا منافسين مع الجامعات والهيئات المصرية . فبيننا علاقات وهذا في حد ذاته يعد نوعا من انواع التقوية للجامعات الموجودة وتقوية للجامعة الألمانية نفسها ولذلك سنقوم في ثالث يوم لافتتاح الجامعة بتنظيم مؤتمر علمي يحضره 50 من أشهر وألمع الاساتذة الالمان لبحث سبل التعاون بين الجامعة هنا في القاهرة والجامعات الموجودة بألمانيا مثل توبنغن ومانهايم وستشارك في المؤتمر الجامعات المصرية لفتح قناة للتعاون مع ألمانيا. ونحن نبحث عن شركاء جيدين ونريد التعاون مع الجامعات المصرية وعمل ابحاث علمية و ندوات و ان يشتركوا معنا في الامتحانات و اشياء اخرى كثيرة .
واريد ان اقول ان العلم لدينا ليس كل شىء حيث ان الطالب عندنا يتعلم ويعيش. فهدفنا أيضا ان يقوم الطلبة بعمل انشطة مختلفة مثل الرياضة والفن التشكيلى والمسرح والموسيقى والتصوير . فالعلم مهم واساسي الا انه من المهم جدا أيضا ان يتم بناء شخصية الطالب و لن يتم ذلك الا بالتعاون مع المجتمع لكي يخرج الطالب متناسب و متماشي مع المجتمع .

ماذا سيكون مصير المتخرجين من هذه الجامعة ؟ هل سيظلون في مصر او دول عربية اخرى ام سُيستقطبون من الجامعات الألمانية او الغربية؟

منصور : نحن وضعنا مناهجنا لكي تتناسب مع متطلبات السوق العالمي والمصري . فطالب جامعتنا سيكون مناسبا لأي من هذه الاسواق. أما الالمان فهم مهتمون بحوالى 10 او 15 في المائة من خريجينا ليتعاونوا معهم في البحث العلمي ولذلك فنحن نأهل طلابنا لكى يشاركوا في الصناعات المصرية والعالمية و يندمجوا في سوق العمل ويشاركوا في الانتاج العالمي حيث ان هذا هو الاتجاه الحالي.

لقد علمت بأن هناك ما يسمى بمكتب دعم فرص العمل بالجامعة. فهل سيبحث المكتب عن وظائف لخريجي الجامعة ام انه وسيلة دعاية لجذب الطلاب؟

منصور: لا المكتب ليس وسيلة دعاية على الاطلاق بل اننا نتعامل منذ حوالي عامين مع الغرفة الألمانية المصرية للصناعة والتجارة. واستراتيجيتنا تعتمد على انه سيكون لديهم مكتب بالجامعة عندنا ونحن لدينا مكتب عندهم. ولقد تمت بيننا عدة لقاءات لمعرفة ما يحتاجونه وسيكون خريجو الجامعة من اوائل المرشحين للعمل بها لمعرفتهم بنظامها واسلوبها والجو العام لها وأيضا الغرفة سيكون لديها علم بالطلبة لدينا. وذلك يعد اجتهاد من جانبنا ولكنه ليس إلزام للطلبة بالعمل في شركة او مكان معين. لاننا لا نستطيع ان نفرض على الشركة احدا ولكن كفاءة الخريج ومدى التزامه وانتاجيته هى التى ستحدد ما اذا كان سيتم تعيينه ام لا.

قال مدير جامعة اولم ulm بوضوح انه يأمل في ان يستطيع استقطاب المتخرجين المصريين ليعوضوا النقص الموجود في جامعته في فروع علمية شتى . فهل تخدم الجامعة الألمانية في القاهرة اذا مصالح الجامعات الألمانية و تدعم ظاهرة هجرة العقول؟

منصور : موضوع هجرة العقول تعاني منه جميع الدول. فهذه ظاهرة عالمية و نحن في الجامعة نأهل شخصية قادرة على الانتاج والعطاء في مجال الصناعة والبحث العلمي ليشارك في سوق العمل العالمي، والسفر ليس عيبا بل هو ميزة لكسب خبرات.

أليس غريبا ان تكون الدراسة في الجامعة الألمانية باللغة الانكليزية ؟

منصور : ليس غريبا لاننا نصدر محتوى تعليمي منهجي ولا نصدر لغة. فاللغة الألمانية متواجدة في أماكن اخرى مثل معهد غوته و نحن نكمل المنظومة الألمانية ونصدر منهجا تعليميا باخراج خريج عالمي يفكر بفكر عالمي، إذا لابد ان يتعامل باللغة العالمية وهى اللغة الانكليزية. ولابد ان اقدم العلم بالطريقة التى يحتاجها سوق العمل ونحن نطبق الجودة الشاملة. مع هذا هناك تعليم إجباري للغة الألمانية بالجامعة وأيضا هناك تعليم للغة العربية للاجانب أي ان الخريج سيكون معه ثلاث لغات الألمانية والانكليزية والعربية .

بخصوص الاساتذة الذين سيدرسون بالجامعة. هل تتألف الهيئة التدريسية من مصريين والمان ؟

منصور: يتألف نصف طاقم الجامعة من الألمان والنصف الآخر من المصريين ولكن الالمان يشغلون كل الوظائف العليا أي معظم هئية التدريس. أما المصريون فتم اختيار مجموعة عمل من الشباب في وظائف ادارية واعلامية. الالمان متواجدون في الوظائف العليا بكثرة حتى يتم تكبير الهيكل الجامعي.

ماهو شكل الدعم الذي تقدمه الهيئات الألمانية والمصرية للجامعة ؟

منصور : بالنسبة للدعم من الجانب الألماني فهناك دعم من جانب الجامعات الألمانية مثل جامعتي اولم و شتوتغارت و تشرف على الجامعة وزارة التعليم العالي الألماني والسفارة الألمانية وهئية التبادل العلمي الألماني وعدد من رجال الصناعة و التجارة الالمان. أما من الجانب المصري فلقد اخذنا الارض من مجلس الوزراء المصري في مدينة القاهرة الجديدة بسعر منخفض. وتشرف على الجامعة أيضا وزارة التعليم العالي المصري والسفارة المصرية ببرلين. وأكبر دعم هو الدعم السياسي من جانب الرئيس المصري والمستشار الألماني، أي ان جميع الجهات ساعدتنا في انجاز الانشاءات في وقت قصير وقد قمنا بمعجزة معمارية. فلدينا 7 مبانى برغم اننا لا نحتاج سوى الى مبنى و نصف في الوقت الحاضر وشيدنا المبانى بما لا يزيد عن 8 شهور، لذلك نحن فخورون بما انجزناه حتى الان .

أجرى الحوار نيللي يوسف، قنطرة 2003

اشرف منصور ، حاصل على بكالوريس العلوم من جامعة القاهرة عام 1983 و درجة الاستاذية الألمانية في فيزياء البلمرات من جامعة اولم – ألمانيا عام 1997 وهو رئيس مجلس ادارة رابطة اعضاء الهئية الألمانية للتبادل العلمي في مصر .

موقع الجامعة في الإنترنت:
www.guc.edu.eg
موقع الهيئة الألمانية للتبادل العلمي في مصر:
http://cairo.daad.de