3.12.

المهندس عادل عبد الله محمد علي/الرياض
3 كانون الأول/ديسمبر 2004

الحوار مع العالم الاسلامي

اشير في البداية الي انني كنت متابعا لحوار طويل وقديم كانت تمارسه عقول الارهاب مع ابناء العالم الاسلام. وقد شكل هذا الحوار في تقديري البداية الحقيقة للارهاب ففي خلال سنوات دراستي بكلية الهندسة بجامعة اسيوط بجمهورية مصر العربية. في الفترة من 1977 وحتي 1982 كنت شاهدا علي تكوين خلايا تنظيم الجهاد المصري داخل الجامعة و كان التنظيم يعمل تحت اشراف الدولة بغرض محاربة التنظيمات اليسارية وقد كانت مادة الحوار الأساسية هي ثقافة الكراهية وقد نجح تنظيم الجهاد في مهمته تماما بدليل ان الحكومة عندما احست بخطورته وحاولت محاربته نجح التنظيم في قتل راس النظام.

كنت اتردد كثيرا علي معهد غوته الألماني بالخرطوم فصلتي بالمانيا لم تنقطع منذ عودتي من بعثة دراسية قضيتها بالمانيا في الفترة من 1986 حتي 1988. وقد لاحظت وقتها وجود مجموعة كبيرة من العرب الأفغان يترددون علي موقع لا يبعد كثيرا عن معهد غوته الألماني. وكان الموقع عبارة عن شركة تسمي شركة طابا وهي تتبع لاسامة بن لادن الذي دخل للسودان بموافقة الحكومة السودانية بحجة الاستثمار. وللمرة الثانية كنت شاهدا ومتابعا لحوار بين عقول الارهاب وابناء العالم الاسلامي. وكانت مادة الحوار هي ثقافة الكراهية وكان واضحا لي ان الارهاب قد تطور اكثر واكثر.

في خلال العام 1996 غادرت السودان الي المملكة العربية السعودية بعد ان وجدت عرضا جيدا للعمل هناك وقد اوضحت لي هذه الفرصة ان الحوار بين عقول الارهاب وابناء العالم الاسلام مستمر ويتركز حول شريحة اطفال المدارس وحول خريجي المعاهد الدينية والجامعات الاسلامية وذلك وفق خطة محكمة.علي المستوي الشخصي كنت مذهولا من الحوار الذي تديره عقول الارهاب وسط الاطفال.

فقد دخل الارهاب بيتي وحاول استقطاب ابنائي. لذلك فانني قد قررت ان اقوم بحوار معاكس مع ابنائي بعد ان تيقنت بأن الحرب الحالية هي حرب ثقافات. فثقافة الكراهية قد انتصرت علي ثقافة السلام والحب والديقراطية وثقافة السرية قد انتصرت على اقوي مخابرات العالم، الأمر الذي مكن مجموعة من الشباب الأصوليين من تنفيذ ضربة موجعة استهدفت اقوي دول العالم.

تأتي هذه الرسالة اليكم رغبة مني في المساهمة في الحوار الالماني-العربي من خلال برنامج محدد يخاطب ابناء الامة العربية المسلمة في السودان اولا ثم السعودية واليمن، وهو برنامج المهمة النبيلة. و يركزالبرنامج على مخاطبة الفئات التي يحاورها عقول الارهاب ويركز على مخاطبة ومحاورة الطفل العربي ويخاطب كذلك جموع كبيرة من اهل الريف الذين يفتقدون الي الحياة الانسانية البسيطة.

انني ادرك جيدا ان هذا البرنامج يأتي وسط جو مشحون بالكراهية لامريكا وللدول الاوربية وان من يكرهك لن يسمعك واذا سمعك فلن يصدقك ولهذا فان لغة الحوار هي الافعال وليست الاقوال لان من لايسمعك يمكن ان يري عملك فيعجبه العمل فيجبره هذا الامر لاحترامك وتقديرك ومن ثم محاورتك.
(...) واقدم نفسي من خلال هذا البرنامج كشريك سوداني يبحث عن شريك الماني لتنفيذ المرحلة الاولي من برنامج المهمة النبيلة وذلك وفق المبادئ الاتية:

1-ان تكون لدي الشريك الالماني الرغبة في الاستثمار داخل السودان مع التاكيد بان عائد الارباح مجزي وان يقبل الشريك بان تكون المشاركة بالمناصفة وسيكون دور الشريك الالمانى هو توفير التكنولوجيا والالة الالمانية لنفيذ المرحلة الاولي وهي انشاء مزارع للانتاج الحيواني والنباتي بمناطق السودان الريفية المختلفة.

ويلتزم الشريك السوداني بتوفير مساحة مليون متر مربع متوفرة بها المياه الدائمة وستكون اولوية فرص العمل التي توفرها هذه المشاريع متاحة للاعداد الهائلة من خريجي المعاهد والجامعات الاسلامية العاطلين عن العمل

والكثير منهم قابل لاعادة التأهيل والانخراط في المجتمع مجددا بعد ان يضمن وظيفته غير ذلك توفر هذه المشاريع منتجات بأسعار معقولة مقارنة باسعار السوق .

2-سيكون دخول الشريك الالماني الي البلاد عبر بوابة الاستثمار برغبة الحصول علي الارباح مقابل تقديم مشاريع تفيد البلاد وان يؤسس العمل بشكله الشعبي اكثر من الحكومي فالجماهير الغاضبة من احتلال العراق ومذابح شارون قد تقذف الحجارة على السفارة الالمانية او معهد غوتة ولكن قد يتردد كثيرون في قذف مقر المؤسسة السودانية الالمانية للانتاج الحيواني فحياتهم تعتمد عليها.

3-في حالة نجاح المرحلة الاولي فإن المرحلة الثانية تخاطب الطفل العربي وسيكون الحديث في امرها لاحقا.

ان برنامج المهمة النبيلة يقدم مفهوما جديدا لثقافة الحوار يتلائم مع طبيعة المتحاورين ويدعو الي وضع فلسفة جديدة لتصدير الثقافة الالمانية الي الشعوب المسلمة. ولكي تنجح المانيا في هذا الحوار لابد لها ان تخترق هذه المجتمعات اولا وتضمن لها ارضا وامنا حتى تستطيع الحوار علي ارض الواقع.

هذه الرسالة مساهمة من صديق لالمانيا يتمني ان يساهم بجهده في هذا الحوار ويتمني التوفيق لكل من ساهم في هذا الجهد الكبير ولكم التحية والتقدير.