يمنيات لاجئات مقاومات لفخ الغربة

الغلاف العربي لرواية "نساء هاربات" للروائية اليمنية نجلاء العمري. Cover -Arsbisch- des Romans „Frauen auf der Flucht“ der jemenitischen Schriftstellerin Najla Al-Omari (Nadschlaa Al-Omari)
يتمحور السرد حول الثلاث سنوات الأخيرة من حياة الشخصيتين الرئيسيتين، "سارة" و "عائدة" وغيرهما، في مدينة نيويورك ولكن يعود الرواي بين حين وآخر بزمن السرد إلى اليمن لتستعيد الرواية ذكريات اليمنيات حول حيواتهن العائلية وعلاقتهن بالمكان ومن يسكنونه قبل الحرب ورحلة اللجوء. وتنتهي الرواية نهاية مفتوحة على الحدود الكندية في رحلة اللجوء الثانية لهؤلاء الفتيات اليمنيات. مصدر صورة الغلاف: دار نشر "الآن موزعون وناشرون ".

في روايتها "نساء هاربات" تقدم الأديبة الروائية اليمنية نجلاء العُمَري تصوُّراً مؤثراً لتجربة اللجوء ومعاناة النساء اليمنيات اللاجئات منذ بدء الحرب في عام 2014 / 2015. استقراء الباحثة والناقدة أماني الصيفي لموقع قنطرة.

By أماني الصيفي

يسلط هذا المقال الضوء على كيفية تناول الكاتبة للتحديات النفسية والاجتماعية التي تواجهها النساء اللاجئات في بيئاتهن الجديدة والصراع الدائم الذي ينتابهن عند مواجهة القرار المصيري بين العودة إلى وطنهن، مع كل التحديات الأمنية والاقتصادية الحرجة المصاحبة، أو البقاء في بلد اللجوء حيث يقاسين واقع الوحدة والاغتراب.

بطلات عاديات ومسؤوليات غير عادية

تتمحور أحداث رواية " نساء هاربات" في مدينة نيويورك، ولكنها تقدم لنا لمحات سريعة عن اليمن، حيث تعتبر البيئة الخلفية لرحلة اللجوء التي يركز عليها السرد بشكل أساسي. يتمحور السرد حول الثلاث سنوات الأخيرة من حياة الشخصيتين الرئيسيتين، "سارة" و "عائدة"، في مدينة نيويورك ولكن يعود الرواي بين حين وآخر بزمن السرد إلى اليمن لتستعيد الرواية ذكريات اليمنيات حول حيواتهن العائلية وعلاقتهن بالمكان ومن يسكنونه قبل الحرب ورحلة اللجوء.

وشخصيات الرواية، على الرغم من اختلاف أعمارهن وأصولهن الثقافية، تتميز بأنها شخصيات عادية بدون خلفيات اجتماعية أو تعليمية مميزة. فعلى سبيل المثال، نجد "عائدة"، الشابة اليمنية في منتصف الثلاثينيات من عمرها، تتمتع بجمال عادي ومستوي تعليمي واجتماعي متوسط. كانت أحلامها تتمثل في أن تجد زوجاً مناسبًا تكوِّن معه حياة أسرية مستقرة لكنها وجدت نفسها متورطة في رحلة اللجوء والعمل والوحدة مع انتظارها الطويل للحصول على أوراق إقامة تمكّنها من جلب شقيقتها وأمها المريضة إلى أمريكا. 

أما "سارة"، فهي أم تحمل مسؤولية رعاية ثلاثة أطفال بمفردها بعد أن تركت زوجها. وتأتي شخصية "رحيمة" لتكمل هذه اللوحة، امرأة باكستانية تعيش حياة دافئة ومأمونة على السطح، لكنها تعاني بصمت من الاكتئاب نتيجة للمسؤوليات الاقتصادية وفقدان زوجها.

الرواية تسلط الضوء على حكاية "حياة"، وهي شابة يمنية وصلت إلى أمريكا من خلال زوج أمريكي تعرفت عليه من خلال إحدى المعارف في اليمن. ولكنها اكتشفت أنها وقعت ضحية لرجل يسرق كل ما تصل إليه يده من المال البسيط الذي تمتلكه الفتاة. 

وفي سياق لجوء آخر، تقدم الرواية للقارئ حكاية "ميساء"، الشابة اليمنية اللاجئة المقيمة في الأردن. حياتها لا تنقل فقط معاناة الفرار من الحرب في اليمن واللجوء إلى الأردن، وإنما أيضًا مأساة اختطاف شقيقها "خالد" من قبل المليشيات الحوثية، ووفاة أمها حزنًا على ابنها الذي عاد جثة هامدة، وقرار أبيها العودة إلى اليمن، وتركها وحيدة في الأردن. ميساء تجد نفسها وحيدة تعاني من الفقد والوحدة حتى وإن كانت تعيش في بلد عربي. فتقرر "ميساء" الهروب إلى كندا مع "عائدة" و"حياة" و"سارة"، اللاتي أرهقتهن كذلك رحلة انتظار الأوراق الأمريكية، على أمل أن تقدم لهن بلد اللجوء الجديدة ظروفاً اقتصادية وسياسية واجتماعية أفضل. 

تنتهي الرواية نهاية مفتوحة على الحدود الكندية في رحلة اللجوء الثانية لهؤلاء الفتيات اليمنيات.

Here you can access external content. Click to view.

الحرب وتجربة اللجوء

تعتبر مسألة اللجوء أمرا جديدا على المجتمع اليمنى في العصر الحديث فقد جاءت بعد الأزمات السياسية التي بدأت في اليمن في عام 2011 وتصاعدت باندلاع الحرب في عام 2014 ثم في عام 2015 وأسفرت عن تزايد حالات الهجرة القسرية والنزوح بشكل كبير، مع اضطرار السكان للفرار من الاضطهاد والصراع المسلح وانتهاكات حقوق الإنسان.

وفقًا لتقارير الأمم المتحدة لعام 2022  فإن أربعة ملايين يمني قد نزحوا منذ اندلاع الحرب بعد سبتمبر / أيلول 2014 ثم في مارس/آذار 2015، وقد عاد منهم حوالي 1.3 مليون نازح إلى ديارههم رغم أنهم ما يزال العديد منهم عُرضة للخطر، ليس فقط من جهة انتهاكات حقوق الإنسان فيما يخص الأمن والاستقرار ولكن كذلك يواجه أكثر من 19 مليون شخص خطر الجوع في اليمن، ويقف زهاء 160 ألف يمني على حافة المجاعة.

تُجسّد رواية " نساء هاربات" للكاتبة والروائية اليمنية نجلاء العمري والتي صدرت  عن دار نشر"الآن ناشرون وموزعون "تجربة اللجوء بأسلوب أدبي يأخذ القارئ في رحلة عميقة إلى عوالم شخصيات روائية تنقل معاني الوحدة والاغتراب بشكل مؤثر يندمج فيه السياق الشخصي الفردي مع السياق العام. 

تجسّد هذه الرواية قصصاً نسائية تحمل في طياتها رسائل حول قضايا حقوق الإنسان ومعنى المواطنة، وكذلك تلقي الضوء على دور المرأة في بلد اللجوء وتجاربها الصعبة والملهمة.

اللجوء والانتماء والتقدير

قال الفيلسوف والشاعر التونسي فتحي المسكيني في كتابه "الدين والإمبراطورية: في تنوير الإنسان الأخير"، وصفاً رائعاً للعلاقة بين الإنسان والمكان والأُنس. يقول المسكيني "كل معية هي اضطرار يتحول سريعًا إلى أنس كثيف ومحير، ولكنها بلا رجعة. لذلك تتكون الجماعات وتتشكل الهويات. علينا أن نقرأ هذه الجماعات والهويات على أنها أدوات روحية للسكن في عالم كان بلا أهل أو كان يمكن أن يظل غير مأهول بلا نهاية من دوننا". (ص.20).

أرى أن رواية "نساء هاربات" تلمس هذه المسألة بعمق، إذ تسلط الضوء بوضوح على أهمية السعي نحو تحقيق الانتماء في بلاد اللجوء وتعكس بشكل ملموس التحديات والصراعات من وجهة نظر الشخصيات ومعاناتهن في سعيهن الدائم لتحقيق هذا الاحتياج النفسي والاجتماعي بعيداً عن الحدود الجغرافية والانتماءات القومية أو العرقية الضيقة. فعائدة تلتقي بميساء على طريق الهروب من اليمن، وتتكون بينهما علاقة صداقة يجمعهما فيها وجع فقدان المكان والأحبة.

يقول الرواي واصفاً حال عائدة عند تركها لوطنها وأهلها "عندما نزلرت عائدة من الباص، في أول نقطة تفتيش، في طريقها إلى السعودية عبر معبر حدودي، عرفت أنها نهبت كليا! الحقيبة ما تزال بيدها وكل أغراضها معها، لكنها فقدت نفسها"(ص.8). تعبر الكاتبة عن هذه المعاناة النفسية بصور عميقة تنقل حجم المأساة، فهنا تصل عائدة إلى أمريكا لتجد نفسها وحيدة مهمشة بلا عائلة ولا أصدقاء وكأنها أصبحت خاوية غير مرئية لمن حولها فتقول واصفة حالها في مجتمع اللجوء: " لا أحد يسمع من أصبح خاوياً كشبح، لم يعد أحدٌ يراني أو يسمعني! «... لم يعد أحدٌ يحترمني، لم يعد أحدٌ يعرفني! أنا لا شيء في هذا الطريق المظلم (ص.8).

بالرغم من محاولات "عائدة" جاهدة لإعادة بناء ذاتها وبناء علاقة تآلُف مع المكان والأشخاص الجدد إلا أن اللغة تصبح عائقا ولكن عائدة المتعشطة للـ "معية" سعت بكل جهد لإقامة علاقة انتماء مع زميلها في العمل الشاب اللطيف "كارم"، والذي وجدت السكينة والراحة في حديثه واعتبرته "يومًا من أيام صنعاء الجميلة" (ص.35). 

ومع ذلك تعجز"عائدة" عن الاحتفاظ بتلك العلاقة الانتمائية التي طمحت إليها وفقدت فيها التقدير الذي كانت تأمل فيه كصديقة أو حبيبة. "كارم" الذي بدا لها كصديق نبيل ولطيف، كان يحمل أيضًا ماضياً أليماً فقد فيه معية من أحب بصدق، وربما كان هذا السبب الذي دفعه للعلاقة المعقدة مع " عائدة"، ففشل في تقديم التقدير الذي كانت "عائدة" تأمل فيه.

أما سارة -الأم والزوجة التي تجد نفسها وحيدة بدون من يشاركها ويدعمها في المعاناة من الغربة- فتتخيل سكيناً تتعمق في داخلها كلما زادت الأوجاع والمسؤوليات. تجلس في إحدى الشوارع الجانبية تبكي دون أن يسألها أحد من المارة عن ما يجتاحها. 

وفي لحظة مؤثرة تتذكر سارة أنها لا تسمع صوت الكلاب في هذه المدينة. تقول: "لا صوتَ للكلاب في هذه المدينة، إنها ترقد في المنازل دافئة" (ص.42). حتى في منزلها وبين أطفالها الذين يحتاجون إلى رعايتها، لا تشعر سارة بالأمان والانتماء لأحد. تقول: "أصبحت واقفة في العراء، أحاول أن أخفي أنفي الأحمر وعيوني المتورمة. أصبحت أحاول أن أخفي مقبض السكين الذي صار بارزًا أكثر للعيون" (ص.43). 

تسعى سارة بجدية لإيجاد الأنس والتقدير لتعيد بناء روحها بعد أن اضطرت للهرب من رنين الحرب في صنعاء. تقول: "في صنعاء قلت لنفسي لن أغادر مدينتي ولو دخلت الشياطين، غير أني غادرت على أصوات القصف وبعدها سقطت في فخ الغربة، وكم كان عذابها أليما! كيف يطبِّب روحك غريبٌ لا تعرفه ولم تكن تنتظر أو تتوقع منه شيئًا!" (ص.50).

الأديبة والروائية اليمنية نجلاء العمري. Die jemenitische Schriftstellerin Najla Al-Omari bzw Nadschlaa Al-Omari Bild Privat Screenshot Facebook
برعت الكاتبة في الحفاظ على خيوط السرد والحالة النفسية المستمرة من بداية الرواية حتى نهايتها. في رواية "نساء هاربات" للكاتبة والروائية اليمنية نجلاء العمري قصص نسائية تحمل في طياتها رسائل حول قضايا حقوق الإنسان ومعنى المواطنة، وكذلك تلقي الضوء على دور المرأة في بلد اللجوء وتجاربها الصعبة والملهمة.

في نيويورك تتعرف سارة على الأشياء والروائح التي لم تعهدها في بلادها ولم تحبها من قبل إلا أنها نجحت في التآلف معها والبحث عن التقدير والانتماء الذين تتوق إليهما. في كنف السيدة الأمريكية المسنة التي تقوم سارة برعايتها، اكتشفت سارة أن التقدير يجب أن يمتد لكل تفاصيل الحياة، حتى لو كانت بسيطة، وحتى إذا تم دفع مقابل مادي. هذا الدرس أسهم في تغيير نظرة سارة تجاه مسؤولياتها مع أطفالها رغم صعوبتها. 

وفي منزل الأسرة الباكستانية، "رحيمة" تتعرف "سارة " من خلال الحفيد "أكبر" على مجموعة رسامين على الإنترنت، ومن خلال تلك المجموعة تستطيع سارة أخيرا العودة لممارسة موهبتها كرسامة. هذا ساعدها على الشعور بالتقدير الذي تستحقه والذي كانت تشعر بأنها حُرمت منه بواسطة زوجها. زوجها، الرجل العربي الذي يعاني من الغيرة من نجاحها ويراه تحدياً له، فيحاول بكل وسيلة التقليل من إنجازاتها ومكانتها أمام نفسها وأمام الآخرين.

تعبر قصة سارة عن هشاشة علاقات الانتماء مهما كانت قوتها أمام الأنانية وعدم التقدير فتتسائل "سارة " كيف انهارت هذه العلاقة بينها وبين حبيبها وزوجها ووالد أبنائها بعد الطلاق فتقول: "اكتشفت أني بعد الطلاق امرأة غريبة عنه كليا، ولم يعد يشعر بأي انتماء نحوى على الرغم من انني لم أكن زوجة فقط، فقد كنت أماً وبنتاً وصديقة وحبيبة، وكنت العالم كله كما يزعم "(ص.47).

فشلت "سارة" في الحصول على حقوقها القانونية الكاملة كمطلقة وأم، وذلك لأن المحاكم تفرض تكلفة مادية وزمنية لا تستطيع تحملها هذه السيدة اللاجئة التي تعمل في رعاية المسنات وتنتظر انتهاء إجراءات حصولها على المواطنة الأمريكية. يأتي هذا بعد أن قضت "سارة" حياتها كاملة في تربية أبنائها ودعم زوجها الذي أصبح اليوم رساماً مشهوراً. 

وفي سياق مشابه تحكي لنا الرواية قصة فتاة تحايل عليها زوجها بشكل فاضح بعد الطلاق، حيث حرمها الزوج الثري من حقوقها وحقوق أبنائها المادية. نقل هذا الزوج (كما يفعل الكثيرون من القادمين من ثقافات شرقية) ممتلكاته لأخيه حتى لا تشاركه الزوجة في ممتلكاته كما يقتضي القانون في أمريكا، مما تسبب في حصول الزوجة على القليل جداً لأبنائها، الذين يحتاجون إلى المزيد بكثير من ذلك لضمان حياة كريمة.

الروائية تسلط الضوء هنا على هذا القضية الهامة، التي يجب أن تكون على رأس اهتمام النسويات والحقوقيات، وهي الظلم والاستغلال الاقتصادي الذي تتعرض له المطلقات والأمهات نتيجة لقانونين لا تأخذ بالضرورة ظروف النساء الاقتصادية والثقافية. 

على الرغم من أن الرواية تستعرض مظاهر انكسار واحتياج هؤلاء النسوة وقسوة تجربة اللجوء، إلا أنها تصوّر الشابات كمقاومات لم يستسلمن للظروف القاسية، ولم يتخلين عن مسؤولياتهن تجاه الأبناء والآباء والأخوة رغم التحديات الاقتصادية وعقبات اللغة والمشكلات النفسية. 

وعلى الرغم من عدم تلقيهن التقدير السياسي الذي يستحقِقْنَهُ "كإنسان" بعيدا عن السياقات السياسية، فالسياسات الأمريكية المتعلقة بالمهاجرين والمسلمين -والتعنت في إجراءات الإقامة- دفعت بهن نحو رحلات لجوء ثانية أو ثالثة، وهنّ عازمات على مواجهتها بشجاعة، ويسعين جاهداتٍ لتحقيق أحلامهن والتقدير الذي يستأهلنه.

الغلاف العربي لرواية "نساء هاربات" الأديبة والروائية اليمنية نجلاء العمري. Cover -Arsbisch- des Romans „Frauen auf der Flucht“ der jemenitischen Schriftstellerin Najla Al-Omari (Nadschlaa Al-Omari) Bild Privat Screenshot Facebook
تُجسّد رواية " نساء هاربات" للكاتبة والروائية اليمنية نجلاء العمري والتي صدرت عن دار نشر"الآن ناشرون وموزعون" تجربة اللجوء بأسلوب أدبي يأخذ القارئ في رحلة عميقة إلى عوالم شخصيات روائية تنقل معاني الوحدة والاغتراب بشكل مؤثر يندمج فيه السياق الشخصي الفردي مع السياق العام. مصدر صورة الغلاف: دار نشر "الآن موزعون وناشرون ".

اللغة والثيمة

استطاعت الكاتبة نجلاء العمري ببراعة تصوير شخصيات روايتها بأسلوب ينقل بمهارة ثيمتها وتعقيداتها. اتسم السرد بواقعية نابعة من الحياة اليومية، وابتعد عن المواضيع المبتذلة المتعلقة بالمرأة العربية. 

اعتمدت الرواية على حكايات أشخاص عاديين في سياق اجتماعي وسياسي وثقافي واقعي، بهدف عرض تجارب ومشاكل شخصياتها التي تمثل فئات متنوعة من المجتمع. ولكنها لم تتوقف عند ذلك فقط، بل كانت وسيلة لإشعار القراء بأهمية التعاطف والتآزر مع تجارب الشخصيات والتعبير عن المشاعر والتجارب الإنسانية بشكل واقعي وملموس.

 فالرواية التي تقع في أربعة أجزاء وتُروى أحداثها في مائة وتسع وعشرين صفحة مفعمة بلغة وصور تنقل مشاعر تحمل حجم المعاناة والمقاومة لهذا الكم من التهميش لمعاناة اللاجئات اليمنيات والأوجاع التي يحملنها كأبناء وأمهات وزوجات. وقد أبدعت الكاتبة في استخدام اللغة بشكل يعكس بدقة الثيمة الرئيسية للرواية والحالة النفسية للشخصيات الرئيسية. لاحظنا تكرار بعض الكلمات الرئيسية التي تعكس كل من الهشاشة والمقاومة مثل "الألفة"، " الأنس" "الوحدة"، "الانكسار"، "الخوف"، "الارتباك"، "الأشباح"، و "التشرد"، "الوجع"، "الألم".

كما برعت الكاتبة في الحفاظ على خيوط السرد والحالة النفسية المستمرة من بداية الرواية حتى نهايتها. فمثلا لاحظنا أن الكاتبة اختتمت كل فصل من الأربعة فصول بجملة تعبر عن صمت البطل، حتى مع اختلاف الشخصية الروائية والمكان. هذا الصمت يعكس ببراعة حالة نفسية قد تعبر عن الارهاق النفسي والشعور بالعزلة في مجتمع اللجوء من جهة والتأمل والتفكر والأمل في حياة أفضل في بيئة اللجوء الجديدة من جهة أخرى.


أماني الصيفي

حقوق النشر: موقع قنطرة 2023

Qantara.de/ar